ولو دفع إلى غيره شيئاً ليعمل فيه عملاً استحق الصانع أجرة مثل العمل إن كان العمل ذا أجرة عادة ، وإلاّ فلا.
______________________________________________________
قوله : ( ولو دفع إلى غيره شيئاً ليعمل فيه عملاً استحق الصانع أجرة مثل العمل إن كان العمل ذا أجرة عادة ، وإلا فلا ).
أي : لو دفع إلى قصّار ثوباً ليقصره ، أو إلى خياط ليخيطه ونحو ذلك ، ومثله لو جلس بين يدي حلاق ليحلق رأسه ، أو دلاّك ليدلّكه ونحو ذلك ، ولم يجر بينهما للأجرة ذكر نفياً ولا إثباتاً فإن العامل يستحق اجرة مثل ذلك العمل إن كان له اجرة عادة ، سواء كان من عادته أن يستأجر لذلك العمل كالغسّال والقصّار أم لا. أما إذا كان من عادته ذلك فللحمل على مقتضى العادة المستمرة ، فإن ذلك لا يقصر عن أن يكون معاطاة في الإجارة ، ولأن العمل المحترم لا يحل بغير عوض ، إلا بإباحة مالكه ولم يتحقق. وهذا هو دليل ما إذا كان العمل ذا أجرة عادة ، ولم يكن من عادة فاعله الاستئجار له.
أما إذا لم يكن للعمل اجرة بحسب العادة فلا شيء ، صرح به المصنف في التذكرة (١) وغيرها (٢) ، وينبغي تحقيقه : فإن كان المراد ما لا يعدّ متقوماً عادة ، بحيث يقابل بأجرة حتى إن ما كان متقوماً تجب الأجرة بمجرد الأمر بفعله. وإن جرت العادة بعدم أخذ الأجرة عنه ، كاستيداع المتاع فهو بعيد ، وإن كان قد سبق في الوديعة احتمال الأجرة.
وإن كان المراد أعم من ذلك ، وهو ما لا أجرة له عادة ، سواء كان متقوماً بحيث تجوز مقابلته بالعوض أم لا ، فهو حسن ، وظاهر العبارة لا يأبى العموم.
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٣٢٠.
(٢) التحرير ٢ : ٢٥٦.