______________________________________________________
وقوله : ( وانظر إن كان من استثني يستغرق الجملة أو أكثرها حتى لا تصح القسمة على الباقي فلا تتعرض للقسمة فإنها لا تصح ) أراد به الإرشاد إلى ضابط تعرف به صحة الوصية بمثل النصيب مع اشتمالها على الاستثناء.
ومحصل المراد من ذلك من غير التفات إلى خصوص ألفاظه ، هو أنه إذا وقع الاستثناء في الوصية بمثل النصيب ، فانظر قدر المستثنى إن كان بحيث يستغرق النصيب ، كما لو كان له ابنان فأوصى لأجنبي بمثل نصيب أحدهما إلا نصف المال فإن الوصية باطلة ، لأنك إذا دفعت إلى المستثنى من نصيبه نصف المال ، ودفعت إلى الوارث الآخر مثله ، لأنه يساويه في النصيب لم يبق للموصى له شيء.
وأراد المصنف بـ ( من ) في قوله : ( من استثنى الشيء المستثنى ) على أن من بمعنى ما ، وأراد بالجملة على ما يظهر جميع التركة وبالأكثر أكثرهما. ولما رأى أن إطلاق الأكثر لا يستقيم ، فإنه لو ترك ابنا وزوجة وأوصى بمثل نصيب الابن إلا ثلثي المال ، فإن الاستثناء يستغرق أكثر الجملة ، ومع ذلك يصح ، فلذلك قيد بقوله : ( حتى لا تصح القسمة على الباقي ) ، ( ليعلم ) أن مناط صحة الوصية وفسادها صحة القسمة على باقي الورثة ، بعد إعطاء من أوصى بمثل نصيبه ما استثني ، سواء كان الاستثناء أكثر الجملة أم لا. ولا يخفى ما في هذا العبارة من الخشونة والتعقيد الموجب لبعد المراد عن الفهم.
وانظر إلى قوله : ( فلا تتعرض للقسمة فإنها لا تصح ) وعدم دلالته على المقصود من بطلان الوصية. وتأمل ان هذا الذي ذكره آخرا ، وهو قوله : ( وانظر ... ) كان حقه أن يجعل في أول القاعدة ، فبسبب تأخيره كيف حصل إيهام أن الأمر بالنظر المذكور بعد