______________________________________________________
ولأنه كما لا يصح فسخ المبيع في جميع المبيع مع بقاء بعض الثمن ، كذا لا يصح فسخه في البعض مع بقاء جميع الثمن ، لأن المانع في الموضعين هو بقاء أحد المتقابلين في المعاوضة بدون المقابل الآخر.
ومن ثمّ لو اشترى سلعتين فبطل البيع في إحداهما إما لعيب أو غيره ، فإن المشتري يأخذ السلعة الآخرى بقسطها من الثمن. وكذا لو اشترى شقصا وشيئا فأخذ الشفيع الشقص ، فإن المشتري يأخذ الباقي بقسطه من الثمن.
ولو كثر الشفعاء وقلنا بثبوت الشفعة مع الكسرة ، أخذ كل واحد جزءا من المبيع بقسطه من الثمن.
قيل عليه : إنّ هذا الحكم في البيع ، والمتنازع فيه قد اشتمل على بيع وهبة ، ومن ثمّ أطلق عليه البيع مع المحاباة والهبة مع عدم العوض والتبرعات ، فلا محذور لو بقي الموهوب بغير عوض يقابله.
والجواب : إنّ العقد المذكور لم يشتمل على بيع وهبة بالاستقلال ، وإنما هو بيع يلزمه ما هو كالهبة ، وليس للهبة فيه ذكر ، إذ ليس هناك إلاّ الإيجاب والقبول اللذان هما عقد البيع. ولا يلزم من لزوم ما هو كالهبة أن يتخلّف عن البيع مقتضاه ، وهو مقابلة الجميع بالجميع.
احتجوا بأن المشتري ملك الجميع بالثمن ، لكن لما اقتضى ذلك التصرف في الزائد عن الثلث رد إلى الورثة من المبيع ما به تندفع الزيادة.
وليس ذلك كالربوي ، فان المانع فيه لزوم الربا ، وبأن الأصل لزوم العقد من الجانبين إلاّ قدر الضرورة ، وبأن هذا العقد في قوة بيع وهبة ، ولعموم قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) خرج منه ما لزم منه التصرف في الزائد من الثلث ، فيبقى الباقي على أصله.
__________________
(١) المائدة : ١.