وكما لا يصح فسخ البيع في الجميع مع بقاء بعض الثمن ، كذا لا يصح في البعض مع بقاء جميع الثمن. فلو باع عبدا لا يملك سواه وقيمته ثلاثون بعشرة فقد حابى بثلثي ماله ، فعلى الأول يأخذ ثلثي العبد بجميع الثمن ،
______________________________________________________
والجواب : إن البطلان في القدر الزائد عن الثلث يلزمه بمقتضى المعاوضة البطلان في مقابله من الثمن كما حققناه ، ومعه لا يبقى الأصل متمسكا في اللزوم بالنسبة إلى مجموع الثمن.
وقد بيّنا أن هذا بيع حقيقة يلزمه ما هو كالهبة ، لأنه بيع وهبة. والآية تقتضي الوفاء بالعقد الذي هو معاوضة ، ومن مقتضى المعاوضة مقابلة أجزاء كل من العوضين بأجزاء العوض الآخر فيمتنع البطلان في بعض أحدهما وبقاء مقابله.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن في بعض النسخ : ولأن فسخ البيع. بالواو معطوفا على ما قبله ، على أن قوله : ( كما في الربوي ) دليل على مختاره.
ولا امتناع في الاستدلال بالدليل الضعيف ـ أعني القياس ـ مع الدليل القوي ، كما يؤتى بالخبر الضعيف مقويا للصحيح.
والمعنى أن الحكم المذكور ثابت في المدعى كما ثبت نظيره في الربوي بجامع المعاوضة في كل منهما ، والفرق بلزوم الربا في الربوي خاصة غير مؤثر. فعلى هذا فيكون قوله : ( ولأن فسخ البيع في البعض ... ) دليلا مستقلا ، ويكون قوله : ( كما لا يصح ... ) دليلا ثالثا.
والأحسن أن يجعل استثنائيا فيقال : متى كان كذا كان كذا ، وحقيقة المقدّم بالإجماع وبيان الملازمة اختلال معنى المعاوضة في كل منهما.
قوله : ( فلو باع عبدا لا يملك سواه وقيمته ثلاثون بعشرة ، فقد حابى بثلثي ماله ، فعلى الأول يأخذ ثلثي العبد بجميع الثمن ، لأنه استحق الثلث