ولو لم يقبل الوصية ابتداء ، أو لم يعلم بها حتى مات الموصي ففي إلزامه بها نظر.
______________________________________________________
القبول منه في حياة الموصي ، لأنها اذن في التصرف ، فصح قبوله وإن تأخر وقته ، كما في التوكيل مع تأخير التصرف ، بخلاف الوصية بالمال ، لأنها تمليك بعد الوفاة ، فلا أثر للقبول قبل الوقت.
وكما يصح القبول في حياة الموصي يجوز تأخيره إلى موته ، لأن الوصية عقد جائز ، فلا يشترط في قبولها الفور ، ومتى قبل الوصية لم يكن له الرد بعد وفاة الموصي ، بل تصير لازمة. وكذا لو رد في حال حياته فلم يبلغه الرد.
ويظهر من كلام التذكرة أن هذا الحكم إجماعي (١) ، ويؤيده أنه قد غره بقبول وصيته ومنعه من طلب غيره ، فلم يكن له تضييع حقه. أما لو رد في حال حياته وبلغه الرد ، فإن الوصية تبطل اقتصارا باللزوم على موضع الوفاق ، ولأن المحذور منتف هنا.
إذا عرفت ذلك ففي كل موضع يلزم الوصي حكم الوصية إذا امتنع من القيام بها أجبره الحاكم ، وهنا اشكال ، وهو أنه إذا امتنع من القيام بالوصية فقد أقدم على محرم ، وبالإصرار يخرج عن العدالة فيخرج عن أهلية الوصية ، فكيف يصح إجباره حينئذ؟ وهو اشكال لازم. ولم أر في كلام أحد تنبيها عليه ، لكن في كلام لابن إدريس ما يرشد إليه (٢) ، وسنذكره إن شاء الله تعالى بعد ذلك.
قوله : ( ولو لم يقبل الوصية ابتداء ، أو لم يعلم بها حتى مات الموصي ففي إلزامه بها نظر ).
أي : إذا علم الموصى إليه الوصية فلم يقبلها ، بل ردها ابتداء ـ أي من غير سبق قبول ـ ولم يبلغ الرد إلى الموصي. وعبارة الكتاب خالية من هذا القيد ، ولا بد منه ، وما سبق من كلامه يدل عليه. إذ لم يعلم بالوصية أصلا حتى مات الموصي ، فهل يلزمه
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٥١٢.
(٢) السرائر : ٣٨٤.