قال إسحاق : فالقرآن مخلوق؟
قال : لا أقول مخلوق ، ولكنّه مجعول ، فكتب مقالته.
فلمّا فرغ من امتحان القوم وكتبت مقالاتهم رجلاً رجلاً ووجّهت إلى المأمون ، فمكث القوم تسعة أيّام ثمّ دعا بهم وقد ورد كتاب المأمون جواب كتاب إسحاق بن إبراهيم في أمر هؤلاء.
الرسالة الرابعة للمأمون إلى إسحاق
كتب المأمون في جواب رسالته كتاباً مفصّلاً نأخذ منها مايلي :
« أمّا بعد فقد بلغ أمير المؤمنين كتابك ، جوابَ كتابه كان إليك فيما ذهب إليه متصنّعة أهل القبلة وملتمسو الرِّئاسة فيما ليسوا له بأهل من أهل الملّة من القول في القرآن وأمرك به أمير المؤمنين من امتحانهم وتكشيف أحوالهم وإحلالهم محالّهم ».
ثمّ تكلّم المأمون في حقِّ الممتنعين عن الاعتراف بكون القرآن مخلوقاً والرِّسالة مفصّلة (١) والملفَت للنّظر فيها أمران :
الأوّل : أمر المأمون رئيس الشّرطة بضرب عنق بشر بن الوليد ، وإبراهيم المهدي إذا لم يتوبا بعد الاستتابة ، وحمل الباقين موثّقين إلى عسكر أمير المؤمنين وتسليمهم إلى من يؤمن بتسليمهم إليه لينصّهم أمير المؤمنين ، فإن لم يرجعوا ويتوبوا حملهم جميعاً على السّيف.
الثاني : تذكّر بعض أفعال الممتنعين بالاعتراف بخلق القرآن ، بوجه يعرب أنّهم لم يكونوا أهل صلاح وفلاح ، بل كانوا من مقترفي المعاصي نقتطف منها مايلي :
« وأمّا الذيّال بن الهيثم فأعلمه أنّه كان فى الطّعام الّذي كان يسرقه في الأنبار ، وفيما يستوي عليه من أمر مدينة أمير المؤمنين أبي العبّاس ما يشغله وأنّه لو كان مقتفياً
__________________
١ ـ لاحظ تاريخ الطبري ٧ : ٢٠٢ ـ ٢٠٣.