وفود عمرو على الإمام الصادق عليهالسلام
روى الطّبرسي في « الاحتجاج » عن عبدالكريم بن عتبة الهاشمي قال : كنت عند أبي عبداللّه عليهالسلام بمكّة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيدوواصل ابن عطاء وحفص بن سالم ، وأناس من رؤسائهم وذلك حين قتل الوليد (١) واختلف أهل الشّام بينهم فتكلّموا وأكثروا ، وخطبوا فأطالوا فقال لهم أبوعبدالله عليهالسلام : « إنّكم قد أكثرتم عليّ وأطلتم فأسندوا أمركم إلى رجل منكم فليتكلّم بحجّتكم وليوجز، فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال : قتل أهل الشام خليفتهم ، وضرب الله بعضهم ببعض ، وتشتّت أمرهم. فنظرنا فوجدنا رجلاً له دين وعقل ومروّة ومعدن للخلافة وهو محمّد بن عبدالله بن الحسن (٢) فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ثمّ نظهر أمرنا معه ، وندعو الناس إليه ، فمن بايعه كنّا معه وكان معنا ... إلى آخر ما قال. فلّما تمّ كلامه أجابه الإمام بكلام مسهب. وفي آخر كلامه : « اتّق الله يا عمرو وأنتم أيّها الرّهط ، فاتّقوا الله ، فإنّ أبي حدّثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنّة رسوله أنّ رسول الله قال : من ضرب النّاس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضالّ متكلِّف (٣).
روى الصّدوق في عيونه عن عليّ الرضا عليهالسلام عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام قال : « دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبدالله ، فلّما سلّم وجلس عنده تلا هذه الآية : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ ) ( الشورى / ٣٧ ) ثمّ سأل عن الكبائر فأجابه عليهالسلام فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه وهو يقول : هلك والله من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم » (٤).
____________
١ ـ الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان. قتل في جمادى الآخرة عام ١٢٦ وكان فاسقاً شرّيباً للخمر.
٢ ـ الملقّب بالنفس الزكية ، قتل بالمدينة في خلافة المنصور عام ١٤٥.
٣ ـ بحار الأنوار : ج ٤٧، ص ٢١٣ ـ ٢١٥.
٤ ـ بحار الأنوار : ج ٤٧، باب مكارم أخلاقه ، ص ١٩، الحديث ١٣.