وأما ما نسبه إلى كتب الشيعة أنه لم يوح إليها بذلك فكان عليه أن يذكر لنا ذلك الكتاب الّذي نقله عنه لنرى صحته من فساده وإلاّ فمجرد الحكاية عن كتبهم ـ لا سيّما من مثل الآلوسي الذي قد عرفت غير مرّة خيانته في النقل مطلقا ـ لا يكون دليلا على صدق الناقل ، ومن حيث أنه أهمل ذكره علمنا أنه كذب لا أصل له.
وخلاصة القول في ولادته عليهالسلام ما ثبت في التأريخ الصحيح وصحيح الحديث : أن فاطمة بنت أسد عليهالسلام دخلت المسجد الحرام مبتهلة إلى الله تعالى بكلمات ملؤها الإيمان بعظمة الله ، متوسلة إليه أن يسهّل ولادتها ، وييسّر لها ما تعسر من أمرها ، متمسكة بأستار الكعبة وهي تقول : ( ربي إني مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإني مصدّقة بكلام جدي إبراهيم الخليل عليهالسلام وأنه بنى البيت العتيق ، فبحق الّذي بنى هذا البيت وبحق المولود الّذي في بطني لما يسّرت عليّ ولادتي ) ، فاستجاب الله دعاءها وأمرها أن تدخل الكعبة لتضع مولودها ، فقال من حضر : رأينا البيت قد انشق ودخلت فاطمة عليهاالسلام ومكثت هناك ثلاثة أيام ، ثم خرجت وعلى يديها ذلك المولود السّعيد ، وكان أبو طالب عليهالسلام يدعو الله متوسلا إليه بالوليد المبارك ، وهو يقول :
أدعوك ربّ البيت والطّواف |
|
بالولد المحفوف بالعفاف |
وكان يقول أيضا :
أطوف للإله حول البيت |
|
أدعوك بالرغبة محيّي الميّت |
بأن تريني الشّبل قبل الموت |
|
غرّ نور يا عظيم الصّوت |
فولادته عليهالسلام في بيت الله الحرام فضيلة من فضائله الخاصة التي تفرد بها وامتاز بها على من سواه ممن كان قبله ومن يأتي بعده إلى يوم القيامة ، وقد أجمع المؤرخون وأهل السير على أنه لم يولد في الكعبة مولود في الجاهلية أو في الإسلام غير أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام.