مَا بَيْنَهُمَا (١) ، فَزِنْ (٢) نُحَاساً ، وَزِنِ الْفَضْلَ ، فَاجْعَلْهُ مَعَ الدَّرَاهِمِ الْجِيَادِ ، وَخُذْ وَزْناً (٣) بِوَزْنٍ ». (٤)
__________________
يجب الشراء بالفلوس ، بل يكفي جعل النحاس مع الدراهم الجياد ، ولعلّ قوله : خذ وزناً بوزن على المثال ، أو بيان أقلّ مراتب الجواز. وأمّا على نسخة « لايجوز » فقيل : كأنّه كان يشتري الفضل بإعطاء فلوس مع المغشوشة فنهى عنه ؛ لعدم العلم بمقدار كلّ من الفضّة والغشّ في المغشوش ، فأمره عليهالسلام أن ينظر إلى الفضل من الجنس فيزنه بنظره وزناً ويزن نحاساً ، ويجعله مع الجياد ؛ ليكون بإزاء الغشّ في المغشوشة ، ويأخذ وزناً بوزن ؛ ليقع كلّ من الفضّة والغشّ في مقابل الآخر.
وأقول : الأظهر على هذه النسخة أن يقال : إنّما نهى عن الفلوس إذا أخذوها بالعدد من غير وزن ، كما فهمه الفاضل الأستر آبادي ، حيث قال : يفهم منه أنّ الفلوس ليس حكمها حكم الدراهم والدنانير ، وأنّ حكمها حكم الطعام ؛ يعني من خواصّ الدراهم والدنانير وقوع المعاملات بذكر عددهما ، فلا بدّ في الفلوس من ذكر وزنها. انتهى. ويؤيّده ما رواه الشيخ عن معلّى بن خنيس أنّه قال لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي أردت أن أبيع تبر ذهب بالمدينة فلم يشتر منّي إلاّبالدنانير ، فيصحّ لي أن أجعل بينهما نحاساً؟ فقال : إن كنت لا بدّ فاعلاً فليكن نحاس وزناً ». وراجع : التهذيب ، ج ٧ ، ص ١١٥ ، ح ٥٠١.
وقال المحقّق الشعراني في هامش الوافي بعد نقل كلام المرآة : أقول : لا فرق بين الفلوس والدراهم والدنانير في أنّها موزونة ، وإنّما يكتفى فيها بالعدد اكتفاء بوزن الضرّاب ودقّته ، فإن كان الأوزان فيها مختلفة ، أو كان الضرّاب غير معتمد عليه ، احتاج إلى الوزن ، كما كان معتاداً في عصر الأئمّة عليهمالسلام ، وإنّما لا توزن المسكوكات الذهبيّة والفضّيّة في عصرنا ؛ لشدّة الاعتماد على الضرّاب ، ولذلك إذا احتمل القلب لزم السبك والوزن ، والفلوس أقلّ احتياجاً إلى الوزن ؛ لقلّة الاعتناء بجوهرها ، ومع غضّ النظر عن عبارة الأسترآبادي وعدم صحّة الفرق بين الفلوس والدراهم فتفسيره قريب بأن يقال : كما يجب وزن الدراهم يجب وزن الفلوس ولا يجوز الاكتفاء فيها بالعدد ، ولعلّ إسحاق بن عمّار وغيره كانوا يتسامحون في وزنها ، وعلى كلّ حال أرى مضمون هذا الخبر موافقاً للرواية التالية ؛ أعني رواية صفوان عن البجلي ، وفرض المسألة أنّ البائع مثلاً عنده مائة درهم جيّد والمشتري مائة درهم غير جيّد فيها خمس وتسعون فضّة ووزن خمسة رصاص أو نحاس ، فكانوا يبيعون خمساً وتسعين بخمس وتسعين والخمسة الزائدة في الجياد بخمسين فلساً مثلاً ، وهذا رباً ؛ لأنّ البائع كان يعطي مائة درهم جيّد بالوزن ويأخذ مائة درهم غير جيّد مثله في الوزن مع خمسين فلساً ، وهذا ربا ؛ إذ لا عبرة بالغشّ الغير المحسوس في غير الجيّد ، والجيّد وغير جيّد كلاهما مائة وزناً ، فأمره الإمام عليهالسلام بأن يزن مقدار خمسة دراهم من النحاس ويضمّه إلى الدراهم الجيّدة بحيث يصير وزن المجموع مائة فيبلغ المجموع بمائة درهم غير جيّد يتساويا وزناً ».
(١) في « ط » وحاشية « بخ » : « بينها ».
(٢) في « بف » والوافي : « وزن ».
(٣) في « بف » : « وزنها ».
(٤) التهذيب ، ج ٧ ، ص ١١٤ ، ح ٤٩٤ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد بن عيسى الوافي ، ج ١٨ ، ص ٦٠٥ ، ح ١٧٩٥٤ ؛ الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٢٠٤ ، ح ٢٣٤٩٨.