الْمُصْطَفى ، وَوَلِيُّهُ (١) الْمُرْتَضى ، وَبَعِيثُهُ (٢) بِالْهُدى ، أَرْسَلَهُ عَلى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَاخْتِلَافٍ مِنَ الْمِلَلِ ، وَانْقِطَاعٍ مِنَ السُّبُلِ ، وَدُرُوسٍ (٣) مِنَ الْحِكْمَةِ ، وَطُمُوسٍ مِنْ أَعْلَامِ الْهُدى وَالْبَيِّنَاتِ ، فَبَلَّغَ رِسَالَةَ (٤) رَبِّهِ ، وَصَدَعَ بِأَمْرِهِ (٥) ، وَأَدَّى الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ ، وَتُوُفِّيَ (٦) فَقِيداً مَحْمُوداً صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثُمَّ إِنَّ هذِهِ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللهِ ، تَجْرِي إِلى أَسْبَابِهَا وَمَقَادِيرِهَا ، فَأَمْرُ اللهِ يَجْرِي إِلى قَدَرِهِ ، وَقَدَرُهُ يَجْرِي إِلى أَجَلِهِ ، وَأَجَلُهُ يَجْرِي إِلى كِتَابِهِ « وَ ( لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٧)
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللهَ ـ جَلَّ وَعَزَّ ـ جَعَلَ الصِّهْرَ (٨) مَأْلَفَةً لِلْقُلُوبِ (٩) ، وَنِسْبَةَ الْمَنْسُوبِ ، أَوْشَجَ (١٠) بِهِ الْأَرْحَامَ ، وَجَعَلَهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالَمِينَ ، وَقَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ) (١١) وَقَالَ : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ) (١٢) وَإِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مِمَّنْ قَدْ عَرَفْتُمْ
__________________
(١) في « بخ ، بف ، بن » والوافي : « وأمينه ».
(٢) في الوافي : « وبغيثه ».
(٣) الدروس : العفو والمحو ، وكذا الطموس. راجع : لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٧٩ ( درس ) ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٦٠ ( طمس ).
(٤) في حاشية « جت » : « رسالات ».
(٥) وصدع بأمره ، أي شقّ جماعاتهم بالتوحيد ، أو أجهر بالقرآن وأظهر ، أو حكم بالحقّ وفصّل الأمر ، أو قصد بما أمر ، أو فرّق بين الحقّ والباطل. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ٩٨٨ ( صدع ).
(٦) في « م ، ن ، بح ، بن ، جت ، جد » : « وتولّى ».
(٧) الرعد (١٣) : ٣٨ ـ ٣٩.
(٨) في الوافي : « الصهر : القرابة تحدثها التزويج ». وفي اللغة : الصِّهر : حرمة الخُتونة ، وخَتَن الرجل ـ وهو كلّ منكان من قبل المرأة ـ صهره ، وأهل بيت المرأة أصهار ، وقيل غير ذلك. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٧١ ( صهر ).
(٩) في « بخ ، بف » : « القلوب ».
(١٠) في الوافي : « وشّج » ، وهو الظاهر من المرآة. وقال في الوافي : « في بعض النسخ : أوشج ، وربما يوجد فيبعضها بالحاء المهملة بمعنى التزيين ». و « أوشج به الأرحام » أي شبّك بعضهم في بعض ، وخلط وألّف بينهم. راجع : لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٩٨ و ٣٩٩ ( وشج ).
(١١) الفرقان (٢٥) : ٥٤. وفي « بخ ، بف » وحاشية « جت » والوافي : +( وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ).
(١٢) النور (٢٤) : ٣٢. وفي « م ، ن ، بح ، جت ، جد » : ـ ( وَإِمائِكُمْ ).