يوم ، لا أنّ اليوم هو هذا لا غير.
ألا ترى أنّهم يقولون : نمت هنا الليلة ، وهاهنا ليلتين ، ولا يريدون إلّا ما يتعارف من مقدار النوم ، ولا ريب أنه لا ينام عادة وغالباً إلّا بعد التعشّي وإتمام الصلاة وجلوس ما بعدهما.
وهذا ظاهر لا يخفى على من راجع وجدانه ، ولذلك اكتفينا في مبحث التراوح بنزح البئر من طلوع الشمس إلى غروبها ، فإنّه يصدق عليه عرفاً أنّه نزح يوم.
وأما التفصيل فتدلّ عليه بعض الأخبار ، مثل ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره ، عن عمر بن أبان الثقفي ، قال : سأل نصرانيّ الشام الباقر عليهالسلام عن ساعةٍ ما هي من الليل ولا هي من النهار ، أيّ ساعة هي؟ قال أبو جعفر عليهالسلام : «ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس».
قال النصراني : إذا لم تكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أيّ الساعات هي؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : «من ساعات الجنّة ، وفيها تفيق مرضانا» فقال النصراني : أصبت (١).
وقيل : وهذا مبنيّ على اصطلاح كان مشهوراً بين أهل الكتاب أجاب الإمام عليهالسلام على طبق طريقتهم (٢) ، ويمكن أن تنزّل عليه أكثر الأخبار الدالّة على أنّ الزوال نصف النهار ، وغيرها.
وكيف كان فلا يقاوم ما دلّ على المذهب المنصور كما لا يخفى.
ونقل عن أبي ريحان البيروني أنّ مذهب براهمة الهند أنّ ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ، وكذلك ما بين غروب الشمس وغروب الشفق خارجان عن الليل والنهار ، بل هما بمنزلة الفصل المشترك ، ويضعفه ما تقدّم من الأدلّة.
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٩٨.
(٢) مفتاح الفلاح : ١١.