أبو حنيفة لأبي عبد الله عليهالسلام : كم بين المشرق والمغرب؟ قال : «مسيرة يوم ، بل أقلّ من ذلك» قال : فاستعظمه ، فقال : «يا عاجز ، لِمَ تنكر هذا؟ إنّ الشمس تطلع من المشرق وتغرب في المغرب في أقلّ من يوم» (١).
وقد يستدلّ على ذلك برواية عمر بن حنظلة المتقدّمة (٢) ، وهي أيضاً لا تدلّ على مطلوبهم ، إذ هي لا تتمّ إلّا في كوكب كان قوس نهاره موافقاً لقوس ليل درجة الشمس من منطقة البروج أو قريباً منه.
وجعل مثل ذلك قاعدة للعوام أو مناطاً لأحكامهم من باب الألغاز والتعمية ؛ مع أنّه يختلف الحال بحسب الليالي والأزمان ، وتعيين كوكب في كلّ ليلة من الأُمور العسرة بل المتعذّرة.
مع أنّ الانحدار أيضاً لا يظهر للعوام إلّا بعد تجاوزٍ كثير عن دائرة نصف النهار ، فالظاهر أنّ ذلك الاحتياط (٣) في صلاة الليل بملاحظة الكواكب التي تظهر فوق الأبنية عند ابتداء الظلمة.
وأيضاً معرفة كون الكواكب على الأُفق حين الغروب مما لا يظهر للحسّ فكيف يعرفه العوام؟!
وما كان على الأُفق عند ظهورها للحسّ فهو إذا بلغ نصف النهار فقد تجاوز الليل حينئذٍ عن النصف بكثير ، فلا يتم الاستدلال لهم بوجه.
وظنّي أنّ الذي أوجب توهّم كون اليوم والليل حقيقة فيما بين طلوع الشمس وغروبها هو اصطلاح أهل النجوم ومسامحة أهل العرف في الأشغال والأعمال والصناعات ، فيقولون لمن عمل من أوّل طلوع الشمس إلى غروبها : إنّه عمل يوماً ، وذلك مسامحة في الإضافة ، لا أنّه اصطلاح في اليوم ، فالمراد أنه شغل يوم ، وعمل
__________________
(١) الاحتجاج : ٣٦٢.
(٢) الفقيه ١ : ١٤٦ ح ٦٧٧ ، الوسائل ٣ : ١٩٨ أبواب المواقيت ب ٥٥ ح ١.
(٣) في «ص» : للاحتياط.