ولذلك ذهب جماعة من أصحابنا إلى التّحريم ، مدّعياً بعضهم الإجماع على اشتراط انعقادها أيضاً بما ذكر (١) ، فيكون شرط الوجوب شرطاً للصحّة أيضاً.
فرَفعُ النزاع بين الفريقين إمّا بإثبات الجواز من دليلٍ آخرٍ ، ومَنع الإجماع على اشتراط الصحّة بذلك في غير حال التمكّن من الشرط ؛ إذ هو القدر المتيقّن عند هؤلاء. أو تسليم التّحريم ، لأنّ عدم الدليل دليل العدم ، وأنّ انتفاء الشّرط مستلزم لانتفاء المشروط لو سلّم الإجماع ، لا لما ادّعى بعضهم أنّ براءة الذمّة لا تحصل إلّا بالظّهر (٢) لظهور بطلانه.
والجواز هو المشهور بين أصحابنا (٣) ، ولا يخلو من رجحان.
والدليل هو الرّوايات ، مثل ما رواه في «الأمالي» صحيحاً عن الصّادق عليهالسلام ، قال : «أُحبّ للمؤمن أن لا يخرج من الدنيا حتّى يتمتّع ولو مرّة ، ويصلّي الجمعة ولو مرّة» (٤) ونحو ذلك ممّا وردَ بسياق المستحبّات ؛ فينزّل على ما نحن فيه.
وصحيحة زرارة ، قال : حثّنا أبو عبد الله عليهالسلام على صلاة الجمعة حتّى ظننت أنّه يريد أن نأتيه ، فقلت : نغدو عليك؟ فقال : «لا ، إنّما عَنَيتُ عندكم» (٥).
وموثّقة عبد الملك ، عن الباقر عليهالسلام ، قال : قال «مِثلُكَ يهلك ولم يصلّ فريضةً فرضها الله تعالى!» قال ، قلت : كيف أصنع؟ قال : «صلّوا جماعة» يعني
__________________
(١) انظر الخلاف ١ : ٦٢٦ مسألة ٣٩٧ ، والسرائر ١ : ٣٠٣ ، والمنتهى ١ : ٣٣٦.
(٢) السرائر ١ : ٣٠٣.
(٣) منهم الشيخ في النهاية : ١٠٧ ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٥١ ، والعلامة في المختلف ٢ : ٢٣٨ ، وولده في الإيضاح ١ : ١١٩ ، والشهيد في اللمعة : ٣٢.
(٤) ورد مضمونه في مصباح المتهجّد : ٣٢٤ ، والوسائل ١٤ : ٤٤٣ أبواب المتعة ب ٢ ح ٧.
(٥) التهذيب ٣ : ٢٣٩ ح ٦٣٥ ، الاستبصار ١ : ٤٢٠ ح ١٦١٥ ، المقنعة : ١٦٤ ، الوسائل ٥ : ١٢ أبواب صلاة الجمعة ب ٥ ح ١.