صلاة الجمعة (١).
فإنّ الظاهر أنّ مثل زرارة وعبد الملك لا يخفى عليهما أصل وجوب الجمعة ، وتركهما إنّما كان من جهة عدم بسط يد الإمام ، وكانا يعرفان الاشتراط ، ولذلك قال زرارة : «حتّى ظننت» إلى أخره ، وقال عبد الملك : «كيف أصنع؟» والسياق أيضاً لا يفيد إلّا الاستحباب.
والحمل على أنّ المراد : صلّوا عندكم سرّاً متّقين من المخالفين ، بعيد.
وعلى فرض التّسليم فيثبت الوجوب عيناً ، وقد أبطلته الإجماعات (٢) وأقوى منها وأوضح وأكثر بمراتب شتّى أيضاً.
والقول بأن ذلك إذن (٣) ينافيه أنّ المعتبر هو الإذن الخاصّ ، وهو المتنازع. ولا تفيده الروايتان ، لعدم تعيين الإمام عليهالسلام (٤).
وأصل صدور الرواية لو كان إذناً لزم أن تكون هذه المعركة في جميع الفرائض والأحكام ، ولا اختصاص له فيما نحن فيه بهذه الرّواية ، بل لا معنى للنزاع حينئذٍ أصلاً.
والظّاهر أنّه لا قائل بالفصل بين زمان الحضور والغيبة ، فيطّرد الحكم.
وأمّا ما يتمسّك به (٥) في حال الغيبة بأنّ الفقيه يقوم مقام الإمام عليهالسلام لعموم الدّليل (٦) ، فهو إن سلّم فلا يعطي إلّا الوجوب العينيّ ، كما هو شأن المنوب عنه.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٣٩ ح ٦٣٨ ، الاستبصار ١ : ٤٢٠ ح ١٦١٦ ، الوسائل ٥ : ١٢ أبواب صلاة الجمعة ب ٥ ح ٢.
(٢) انظر جامع المقاصد ٢ : ٣٧٥ ، ورسائل المحقّق الكركي ١ : ١٤٧ ، ١٥٤ ، والروضة البهيّة ١ : ٦٦٥.
(٣) كما في نهاية الأحكام ٢ : ١٤.
(٤) يعني : عدم تعيين من يصلّي بهم وعدم نصب النائب ، فإنّ الإذن تستلزم نصب النائب.
(٥) كما في الذكرى : ٢٣١ ، وجامع المقاصد ٢ : ٣٧٥.
(٦) الكافي ٧ : ٤١٢ ح ٥ ، الفقيه ٣ : ٥ ح ١٨ ، التهذيب ٦ : ٣٠١ ح ٨٤٥ ، ففيها : فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً ، وأُنظر الوسائل ١٨ : ٩٨ أبواب صفات القاضي ب ١١.