وأما الجلد المطروح فلا تحلّ مباشرته وإن كان يمكن الحكم بطهارته ، بمعنى عدم نجاسة ملاقية.
وقد يستشكل في مثل جلد المصحف ، بل الجلود المتداولة الاستعمال في بلاد المسلمين ، مثل ما كانت مدبوغة ومصنوعة ومصبوغة. والأمر فيه مشكل إلّا مع حصول العلم بالقرائن أو الظنّ المتاخم للعلم أنّه لمسلم.
ومثل ذلك المشربة التي سقطت من قافلة المسلمين.
وأما الذبيحة المطروحة فدعوى حصول العلم بحلّها دونه خرط القتاد ، فلا أقلّ من الشكّ في حصول جميع شرائطها غير إسلام الذابح.
ومن جميع ما ذكرنا ظهر ضعف قول العلامة وتمسّكه بأصالة عدم التذكية (١) ، فإن منشأ استدلاله هو أنّ قيام فعل المسلم مقام العلم بالتذكية إنّما هو من أجل حمل فعل المسلم على الصحّة ، وهو لا ينافي كونها ميتة مدبوغة ، إذ استعمالها حينئذٍ صحيح عند من يستحلّها.
والمراد بحمل الفعل على الصحّة هو ما يكون صحيحاً عند ذلك المسلم لا مطلقاً ، فإن الاختلاف في المسائل الفقهية في غاية الكثرة.
وهو خيال متين ، لكنه مدفوع ، نظراً إلى عمومات تلك الأخبار ، وإطلاقات النصوص والفتاوى ، والتفاتاً إلى الحمل على الغالب ، فإن استحلال ذبيحة أهل الكتاب أو طهارة الميتة بالدباغة لا ينافي كون الغالب هو كون الذبائح مذبوحة للمسلم.
مع أنّ هذه الأخبار تؤسّس أصلاً بنفسه مع قطع النظر عن تلك القواعد ، فلا مناص عن العمل بها.
نعم إذا أخبر ذو اليد بعدم التذكية فالأظهر عدم الجواز كما اختاره الشهيد (٢) ،
__________________
(١) المنتهي ١ : ٢٢٦ ، التذكرة ١ : ٤٦٤.
(٢) الذكرى : ١٤٣ ، البيان : ١٢٠.