هو أذان الإعلام ، لا أذان الذكر والإعظام (١). وهو غير ظاهر المأخذ ، وخلاف المتبادر من الأخبار الكثيرة التي قد مرّ بعضها (٢) كما لا يخفى ، بل قد ينعكس الأمر لو كان الأذان الإعلامي أذان المصر ، وكان المحتاج إلى الجمع بعض أهله.
ومنها : عصر يوم الجمعة ، لرواية حفص بن غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، قال : «الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة» (٣) وفهم جمهور أصحابنا مع كون الراوي من العامة (٤) يعيّن إرادة أذان العصر ، وضعف الرواية منجبر بعمل الأصحاب.
واحتمال إرادة الأذان الذي أبدعه عثمان (٥) أو معاوية (٦) قبل ظهر الجمعة «إما بتغليب اسم الأذان على الإقامة بتقريب أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله شرّع للصلاة أذاناً وإقامة فالزائد ثالث ، وهو بدعة ، كما قيل (٧) ، أو إرادة ذلك بأن يكون ثالث الأذانات ، يعني أذان الصبح وأذان الظهر والأذان البدعي كما قيل» بعيد.
مع أنّ الأمر إذا دار بين السنة والبدعة فالأولى تركه ، مع أنّ ابن إدريس ادّعى الإجماع على سقوط استحبابه عن العصر إذا صلّى جمعة (٨).
فظهر من جميع ذلك أنّ رجحان الترك هنا لخصوصيّة الزمان ، كما أنّ في عرفة والمزدلفة لخصوصيّة المكان ، لا لمطلق الجمع ، وإلّا فلا ريب في استحباب الجمع في الجمعة ، ومع الجمع يجوز الترك رخصة كما مرّ.
__________________
(١) الذكرى : ١٧٤.
(٢) الوسائل ٤ : ٦٦٥ أبواب الأذان ب ٣.
(٣) الكافي ٣ : ٤٢١ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ١٩ ح ٦٧ ، الوسائل ٥ : ٨١ أبواب صلاة الجمعة ب ٤٩ ح ١.
(٤) انظر رجال الشيخ الطوسي : ١١٨ ، والفهرست : ٦١.
(٥) انظر صحيح البخاري ٢ : ١٠ ، وسنن أبي داود ١ : ٢٨٥ ح ١٠٨٧ ، وسنن الترمذي ٢ : ٣٩٢ ح ٥١٦ ، وسنن النسائي ٣ : ١٠٠ ، ومسند أحمد ٣ : ٤٥٠ ، وسنن البيهقي ٣ : ٢٠٥.
(٦) الامّ ١ : ١٩٥.
(٧) المعتبر ٢ : ٢٩٦.
(٨) السرائر ١ : ٣٠٥.