ولو لا هذه الروايات ودعوى الإجماع لَتعيّن الحكم بعدم الجواز ، لما تقدّم من أنّ انتفاء الفصل يقتضي انتفاء الجنس ، فما يتمسّك به من أنّ الساقط هو وجوب السعي لا وجوب الجمعة لا يتمّ إلّا بضميمة دليل خارجي.
وإذا ثبت الجواز ثبت إجزاؤها عن الظّهر ، لأنه لا معنى لندبيّة الجمعة بالذات ، فيكون أحد فردي التخييري إن لم يثبت التعيين.
لكنّهم قالوا : إنّه يتعيّن عليهم بعد الحضور في غير المسافر والعبد والمرأة ، فقد اختلف كلامهم فيهم ، فالشيخ في التّهذيب والنهاية (١) والأكثرون (٢) أطلقوا الوجوب ، وتدلّ عليه رواية حفص بن غياث المتقدّمة.
ويظهر من الشّيخ في المبسوط عدم الوجوب في العبد والمسافر والمرأة وغير المكلّف (٣) ، وتبعه المحقّق في المرأة وتردّد في العبد (٤).
أما الإيجاب على غيرهم فلسقوط المشقّة الّتي هي المناط في السّقوط ، فيندرج هؤلاء في العمومات.
وأما في المذكورات فلعدم كون هؤلاء أهل هذه الفريضة مع ضعف الرواية (٥) ، ويمكن دفعه بأنّ ضعف الرواية منجبر بالشّهرة.
ثمّ إنّهم اتّفقوا بعد تعيّن الوجوب على هؤلاء على انعقاد الجمعة بهم واحتسابهم من العدد ، إلّا في المسافر والعبد فإنّهم اختلفوا فيهما.
وأما المرأة فظاهرهم عدم الانعقاد بها بلا خلاف ، وهو المتبادر من أخبار
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢١ ، النهاية : ١٠٣.
(٢) كالسيّد ابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٦٠ ، وعلاء الدين الحلبي في إشارة السبق (الجوامع الفقهيّة) : ٨١ ، والعلامة في نهاية الإحكام ٢ : ٤٥.
(٣) المبسوط ١ : ١٤٣.
(٤) المعتبر ٢ : ٢٩٣ ، الشرائع ١ : ٨٦.
(٥) لجهالة المروي عنه ، فإنّ حفص قال : سمعت بعض مواليهم سأل ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب ..