قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «بيّنه تبييناً ، ولاتهذّه هذّ الشعر ، ولا تنثره نثر الرمل ، ولكن اقرعوا قلوبكم القاسية ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة» (١).
وقال عليهالسلام أيضاً على ما روي عنه في تفسيره : «إنّه حفظ الوقوف وبيان الحروف» (٢).
وقد مرّ ما ينفعك ذكراه فيما يجب من القراءة من مراعاة الصفات ، وأنّ المستحبّ من تبيين الحروف هو ماذا.
فإن أردنا من التأنّي والترسّل وتبيين الحروف وحفظ الوقوف هو أداء الحروف عن المخارج بحيث لا يدمج أحدها في الاخر ولا يتميّز (٣) ، وأن لا يقف على الحركة ، ولا يصل بالسكون ؛ فهو واجب ، لاتّفاق القرّاء وأهل العربية على ذلك ، كما صرّح به بعض المحقّقين (٤) ، فالخروج عن مقتضاه خروج عن اللغة العربية ، فحينئذٍ تتطابق الآية والأخبار ، ويبقى الأمر في الآية منزّل على حقيقته وهو الوجوب.
وإن أُريد به ما اعتبره القرّاء من ملاحظة صفات الحروف من الجهر والإطباق والاستعلاء وغيرها ، والوقف على مواضعها على ما قرّروه ، فيحمل الأمر على الاستحباب أو على القدر المشترك.
وقد يستشكل في استحباب مراعاة ما اصطلحوا عليه ، لكونها متجدّدة بعد زمان أمير المؤمنين عليهالسلام ، وإنّما نشأ ذلك من أفهامهم في التفاسير ، ولذلك منعوا عليهمالسلام عن الوقف في بعض المواضع الذي ألزموا فيه الوقف (٥) ، مثل قوله تعالى (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) (٦).
__________________
(١) الوافي ٩ : ١٧٣٩ ح ٩٠٢٣.
(٢) الوافي ٩ : ١٧٣٩ ذ. ح ٩٠٢٣.
(٣) في «ص» : ويتميّز. والمراد بعدم التميّز يعني عدم انفصاله عن باقي حروف الكلمة ، والله العالم.
(٤) المعتبر ٢ : ١٨١.
(٥) انظر البحار ٨٢ : ٩.
(٦) آل عمران : ٧.