العود فيشغل يومه ، يعني يصير سفره بحيث يكون مسيرة يوم ، وإلّا فلا تجب إحاطة اليوم في السفر مطلقاً كما لا يخفى.
وبالجملة يظهر من اعتبار بياض يوم أو مسيرة يوم ، ومن إطلاق الثمانية في الأخبار (١) ، ومن العلّة الواردة في اعتبار هذا المقدار من أنّه لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة ، لأن كلّ يوم بعد هذا اليوم فإنّما هو نظير هذا اليوم وغير ذلك ؛ يظهر أنّ المناط في القصر هو ما إذا كانت المسافة بهذا المقدار على أيّ نحوٍ كان ، خرجنا عمّا (٢) لو حصل له قاطع من الخارج من إقامة العشرة أو الوصول إلى الوطن ونحوها بدليل ، وبقي الباقي.
والظاهر كفاية عدم نيّة قصد الإقامة بينها ، ولا تلزم نيّة عدم قصد الإقامة بينها.
وعلى ما بيّنا فتختلف فروع المسافة ، ويختلف (٣) الحكم عمّا حكم به جمهور علمائنا مما يتفرّع على تحقيق (٤) حدّ المسافة ، فمنها أنّهم لا يضمّون الإياب إلى الذهاب ، بل ادّعى الشهيد الثاني عليه الإجماع (٥).
ومما صرّحوا به في مسألة طالب الابق إذا بلغ حدّ المسافة أومأ دونها وعرف أنّه لا بدّ أن يذهب فرسخاً أو فرسخين أو نحوهما فإنّهم لا يحكمون بالقصر إلّا إذا شرع في الإياب ، ونحن نحكم بالقصر في الذهاب والإياب ، لأنّه قاصد للمسافة ، ويصدق أنّه يقطع ثمانية فراسخ أو مسيرة يوم ، ونحو ذلك.
وكذلك في البلد ذي الطريقين إحداهما مسافة والأُخرى دونها ، فيحكمون بالقصر مطلقاً إذا ذهب من الأبعد ، وإذا ذهب من الأقرب وعاد من الأبعد فيقصر في
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٩٠ ح ١٣٢٠ ، الوسائل ٥ : ٤٩٠ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ١.
(٢) كذا والأنسب : خرج ما.
(٣) في «ح» ، «ص» : يتخلّف.
(٤) في «ص» : تحقّق.
(٥) المسالك ١ : ٣٣٩