يدور في عمله» (١) وأكثر تلك الأخبار صحيحة أو موثّقة.
والثاني : ما دلّ على وجوب القصر في بريد أو أربعة فراسخ ، وهي أيضاً في غاية الكثرة ، وأكثرها صحيحة أو موثقة أو حسنة ، ومنها روايات عرفات (٢).
والثالث : ما دلّ على أنّه إذا كانت المسافة بريداً ذاهباً وبريداً جائياً فيكفي في القصر ، وهي أيضاً كثيرة ، وأكثرها صحيحة أو موثّقة (٣).
وبملاحظة الصنف الأوّل والثالث تعرف أنّ المراد بالصنف الأوسط هو ما إذا أُريد العود ، فالمراد بالأربعة المطلقة هي نفس المسافة وإن صارت ثمانية بسبب العود.
والحاصل أنّ مقتضى ما دلّ على اعتبار الثمانية مطلقاً وصدقها على الأربعة المعادة أيضاً واضح ، وتقييدها بالعود ليومها لم يدلّ عليه دليل ؛ سيّما مع ملاحظة روايات عرفات ، فإنّها نصّ في الباب. ولا وجه للجمود عليها ، لعدم القول بالفصل ، سيّما مع ما يستفاد منها من العلّة مثل قولهم عليهمالسلام «وأيّ سفر أشدّ منه» (٤).
وأما موثّقة محمّد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام ، قال : سألته عن التقصير ، قال : «في بريد» قال ، قلت : بريداً؟! قال : «إذا ذهب بريداً ورجع بريداً شغل يومه» (٥) فلا تدلّ على اعتبار العود في يومه ، ولا على تحتّمه في ذلك والتخيير في العود غداً كما هو واضح.
بل لمّا سمع الراوي الأخبار الدالة على ثمانية فراسخ ومسيرة يوم تعجّب من كون البريد فقط مسافة فسأل متعجّباً ، فرفع الإمام عليهالسلام تعجّبه بأنّه إذا اعتبر
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٠٩ ح ٥٠٣ ، الاستبصار ١ : ٢٢٥ ح ٧٩٩ ، الوسائل ٥ : ٤٩٣ أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ١٦.
(٢) الوسائل ٥ : ٤٩٩ أبواب صلاة المسافر ب ٣.
(٣) الوسائل ٥ : ٤٩٤ أبواب صلاة المسافر ب ٢.
(٤) الفقيه ١ : ٢٨٦ ح ١٣٠٢ ، التهذيب ٣ : ٢١٠ ح ٥٠٧ ، الوسائل ٥ : ٤٩٩ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ١.
(٥) التهذيب ٤ : ٢٢٤ ح ٦٥٨ ، الوسائل ٥ : ٤٩٦ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٩.