وأنّ اليمين والشّمال ، أشرف من ذلك ، كافتخار حاشية الملك ، على زيادة قرب محلّهم من ملكهم.
وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول في بعض أحاديثه : إنّ الملائكة أشرفها عند الله ، أشدّها لعليّ بن أبي طالب حبّا. وإنّه قسم (١) الملائكة فيما بينهما ، والّذي يشرّف (٢) عليّا على جميع الورى بعد محمّد المصطفى.
ويقول مرّة : إنّ ملائكة السّماوات والحجب ليشتاقون إلى رؤية عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ كما تشتاق الوالدة الشّفيقة إلى ولدها البارّ الشّفيق ، آخر من بقي عليها بعد عشرة دفنتهم.
فكان هؤلاء النّصّاب يقولون : إلى متى يقول محمّد : جبرئيل وميكائيل والملائكة؟
وكلّ ذلك تفخيم لعليّ ، وتعظيم لشأنه. ويقول الله تعالى لعليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ خاصّ من سائر الخلق. برئنا من ربّ ومن ملائكة ومن جبرئيل وميكائيل هم لعلىّ بعد محمّد ، مفضّلون. وبرئنا من رسل الله الّذين هم لعليّ بعد محمّد ، مفضّلون.
وأمّا ما قاله اليهود. فهو أنّ اليهود ، أعداء الله. لمّا قدم النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ المدينة ، أتوا بعبد الله بن صوريا. فسأله عن أشياء. فأجابه إلى أن قال : بقيت خصلة ، إن قلتها ، آمنت بك واتّبعتك. أيّ ملك يأتيك بما تقوله عن الله؟
قال : جبرئيل.
قال ابن صوريا : ذلك عدوّنا من بين الملائكة. ينزل بالقتل والشّدّة والحرب.
ورسولنا ميكائيل. يأتي بالسّرور والرّخاء. فلو كان ميكائيل هو الّذي يأتيك ، آمنا بك. لأنّ ميكائيل كان يشدّ ملكنا. وجبرئيل كان يهلك ملكنا. فهو عدوّنا لذلك.
فقال سلمان الفارسيّ ـ رضى الله عنه : فما بدوّ عداوته لكم؟
قال : نعم ، يا سلمان! عادانا مرارا كثيرة. وكان من أشدّ ذلك علينا ، أنّ الله أنزل على أنبيائه أنّ بيت المقدس يخرّب على يد رجل ، يقال له «بخت نصر» وفي زمانه. وأخبرنا بالحين الّذي يخرّب فيه. والله يحدث الأمر بعد الأمر. فيمحو ما يشاء. ويثبت. فلمّا بلغنا ذلك الحين الّذى يكون فيه هلاك بيت المقدس ، بعث أوائلنا رجلا من أقرباء بني إسرائيل وأفاضلهم ، نبيّا كان يعدّ من أنبيائهم ، يقال له «دانيال» ، في طلب بخت نصر ، ليقتله.
__________________
(١) ر : قسيم.
(٢) ر : شرّف.