عمرو بن طهمان بن عبد مناة بن يقدم بن أفصى بن دعمىّ بن إياد بن نزار ، فخرجا ومعهما غنيمات لهما فيها عنز لبون وهما يشربان من لبنها ، فعرض لهما مصدّق ملك من ملوك اليمن فأراد أن يأخذ من غنمهما الصدقة ، فقالا : خذ منه أيتهن شئت ، فقال : آخذ صاحبة اللبن ، فقالوا : إنما معيشتنا ومعيشة هذا الجدى من لبنها ، فأبى إلا أخذها فقتله أحدهما ، فقال له صاحبه : لا يجمعنى وإياك بلد ولا تحوينا أرض ، فإما أن تصعد وأنحدر ، وإما أن تنحدر وأصعد ، فقال النخع : أنا أصعد.
فأتى النخع بيشة فنزلها ، ومضى ثقيف إلى وادى القرى فكان يأوى إلى عجوز يهودية يكمن عندها بالليل ويعمل بالنهار ، فعند ذلك اتخذته ولدا واتخذها أما ، فلما حضرها الموت قالت : يا بنى ، إذا أنا مت فخذ هذه الدنانير وهذه القضبان من الكرم فإذا نزلت بلدا فاغرس هذه القضبان فإنك لا تعدم منها رزقا.
ففعل ثقيف ذلك ثم أقبل حتى نزل موضعا قريبا من الطائف ، فإذا هو بجارية حبشية على ظهر ترعى مائة شاة لمولاها ، فأسرّ طمعا فيها وقال : أقتلها وآخذ الغنم ، فألقى فى نفسها ما أراد بها ، فقالت له : يا هذا ، كأنك طمعت نفسك أن تقتلنى وتأخذ غنمى؟ قال : نعم ، قالت له : لقد عدلت (١) ولو قتلتنى وأخذت الغنم ما نجوت ، فأنا جارية عامر بن الظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر ، وهو سيد أهل الوادى وأنا أظنك غريبا خائفا ، قال : نعم ، قالت : أفلا أدلك على خير مما أردت؟ قال : بلى.
__________________
(١) أى : ابتعدت عن الصواب.