قالت : إن مولاى إذا طلعت الشمس يأتى إلى هذه الصخرة فيضع ثيابه وقوسه وجفيرته عندها وينحدر فى هذا الوادى يقضى حاجته ويتوضأ من العين التى فى الوادى ثم يرجع ويأخذ ما ترك وينصرف إلى رحله ويأمر مناديا ينادى : ألا من أراد العيش والتجمع فليأت دار عامر بن الظرب ، فيقبل جميع من أراد ذلك ، فاكمن له تحت الصخرة وخذ ثوبه وقوسه وجفيرته فإذا رآك وقال : من أنت؟ فقل : غريب فأنزلنى ، وخائف فأجرنى ، وعزب فزوجنى ، إن كنت برا شريفا.
فقال : أنا أفعل جميع ما ذكرت ، قال : فخرج عامر بن الظرب كعادته فاستخفى له ثقيف ، فلما دخل الوادى فعل ثقيف ما أمرته به الجارية ، فقال عامر بن الظرب : انطلق ، فانطلق معه فانحدر إلى قومه ، ونادى مناديه فأقبلت الناس يهرعون إليه ، فأكلوا وتجمعوا ، فقال لهم عامر : ألست سيدكم؟ قالوا : بلى! قال : وقد أجرتم من أجرت وآمنتم من آمنت وزوجتم من زوجت؟ قالوا : بلى! فقال عامر : هذا قسى بن منبه ، فزوجه فى الحال ابنته ، فولدت لثقيف عوف ودارس وسلامه ، ثم تزوج بأختها بعدها فولدت له قاسم ، وأقام بالطائف وغرس تلك القضبان من الكروم فنبتت وأطعمت ، وبنى المكان فسمى الطائف لأنه طاف البلاد وسكن بها.
وقيل : ما سمى ثقيفا [إلا] لأن أباه ما ثقف حتى ثقف عامرا حين أمنه وزوجه ، وثقف الكرم حين غرسه فسمى ثقيفا.
حدثنا محمد بن أبى عمرو قال : حدثنا شعبان بن جريج عن مجاهد فى قوله عزوجل : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)(١) قيل :
__________________
(١) الآية : ٣١ من سورة الزخرف.