يعيش فيها ويأكل فيها الخبز ، فوصل خبر الحبة إلى بغداد فأنفذ الإمام أبو العباس أحمد الناصر لدين الله ، أمير المؤمنين ، إليه لينفذ الحبة ، فلما وصلت الحبة إلى عينه الشريفة أنفذ له ثمنها ستة آلاف مثقال ، ويقال : إنها قوّمت بأربعة وعشرين ألف دينار.
فصل : كان ملك من ملوك كشك ومات وملك ابنه من بعده الملك فأبصر من البضائع جملا فأطلق يده فى البيع فباع وصار التجار يدخلون حوفا بعد حوف يشترى كل منهم ما أراد وصلح له ، فدخل الشيخ أبو طالب بن على بن سويد ، ويقال : عبد اللطيف ولد أبى طالب بن على بن سويد التكريتى إلى مخازن النيل بقى منها اثنا عشر قطعة ووزن ثمنها ورفعها وسافر بها وكتب الله له السلامة إلى أن وصل تكريت ، فجاء يهودى صباغ يشترى منه قطعة فأخذ قطعة ليرى العين فإذا هى قطعة ملؤها لؤلؤ.
فلما أبصر الشيخ أبو طالب ذلك قال لليهودى : ادفع قطعة نيل وأنت فى حل منه واكتم ما رأيت ، وخرج اليهودى بما معه وقام الشيخ ابن سويد علّم ولده ثقب اللؤلؤ فصار الولد يثقب كل حبة تشبه بيض الدجاج ، وصار الشيخ ينفذ بعقود اللؤلؤ من تكريت إلى أعمال القسطنطينية العظمى وإلى آخر أعمال المغرب وإلى آخر الهند والترك وهو يبيع منه إلى الآن.
قال ابن المجاور : وكان السبب فى تلك القطعة أن الملك كان يبقى اللؤلؤ فما كان من حبة غالية كبيرة مليحة تركها فى كيس إلى أن كثر الشىء عليه ، فلما زاد خيّط له كيسا وعبى اللؤلؤ المتغالية وخيّشه بخيش وركّب عليه أربع عرّى وجلّده