فقال : كلا ، إن الله قد رزقنى خيرا كثيرا ، قال : فنزل ورمى بنفسه على البطحاء فقيل له : الوطاء ، فقال : لا ، البطحاء أحب إلىّ ، فلزمه بطنه فأتى بخمس رمانات فأكلهن ، وأتوه بخمس أخر فأكلهن ، ثم قال : أعندكم غيرها؟ قالوا : نعم ، فجعلوا يأتون بخمسة خمسة حتى أكل سبعين رمانة ، ثم أتى بخروف وست دجاجات فأكلهن ، وآتوه نصيبا من الزبيب يكون فيه قدر مكوك على نطع فأكله جميعا ثم نام ، وانتبه فدعا بالغداء فأكل مع أصحابه.
فلما فرغ دعا بالمناديل فكان فيها قلة من كثرة الناس فلم يكن عندهم من المناديل ما يسعهم ، فقال : كيف الحيلة يا أبا زهير؟ فقال أبو زهير : أنا أحتال ، فأمر بالصرح والخزامى وما أشبههما من الشجر فأتى له بما يمسح به سليمان يده ، ثم شمه فقال : يا أبا زهير دعنا وهذا الشجر وخذ هذه المناديل فأعطها العامة ، ثم قال سليمان : يا أبا زهير هذا الشجر الذى ينبت عندكم أشجر الكافور هو؟ قال : لا ، فأخبره بخبره فأعجب سليمان ، وقد قال امرؤ القيس الكندى :
كان المدام وصوب الغمام |
|
وريح الخزامى ونشر القطر |
يعلّ به برد أنيابها |
|
إذا طرّب الطائر المستحر |
فلما فرغ قال أبو زهير : افتحوا الأبواب ، ففتحت ودخل سليمان مع الناس فأصابوا بستانا ذات أكمام وأتمام من الخير والفواكه فأصابوا الفاكهة ، فأقام سليمان يومه ومن الغد ثم قال لعمر : ألا ترى أنا قد أضرينا بهذا الرجل؟ فرحل ونظر إلى الوادى وخضرته مع طيب رائحته فقال : لله در قيس ، أى واد نزل! ونظر إلى عناقيد عنب يظنها الحرار فقال له عمر : يا أمير المؤمنين ، هذه عناقيد العنب ، فأقام سبعا ثم رجع إلى مكة.