قيل) : ان الخبر المذكور لا معارض له يوجب تأويله وإخراج اللفظ عن ظاهره (قلت) : الذي حققناه في غير موضع من زبرنا ان لفظ الوجوب عند أهل الأصول وان كان حقيقة فيما لا يجوز تركه إلا انه في الأخبار ليس كذلك فإنه كما ورد استعماله في هذا المعنى ورد ايضا استعماله في تأكيد الاستحباب وبالمعنى اللغوي مما لا يحصى كثرة ، فهذا اللفظ عندنا من الألفاظ المشتركة لا يحمل على معنى من هذه المعاني إلا مع القرينة ، وحينئذ فلا ينهض الخبر المذكور حجة في الوجوب سيما مع تكرر التعبير بالوجوب في هذه الرواية في جملة من الأغسال التي لا خلاف في استحبابها ، وحينئذ فالاستحباب هو الأظهر. ولا بد فيه من النية ، وقصد القربة كما في العبادات ، وليس المراد به غسل النجاسة كما توهمه بعض الأصحاب. واستدل صاحب الوسائل على هذا الغسل ايضا بما رواه الصدوق في العلل بسنده فيه عن ابي بصير عن الصادق عن آبائه عن علي (عليهمالسلام) (١) قال : «اغسلوا صبيانكم من الغمر فان الشيطان يشم الغمرة فيفزع الصبي في رقاده ويتأذى به الكاتبان». وهذا من جملة غفلاته فان الغمر هنا بمعنى دسومة اللحم ومورد الخبر انما هو استحباب غسل الدسومة عن الصبي إذا أكل شيئا فيه دسومة وكذا الرجل أيضا بقرينة قوله : «يتأذى به الكاتبان» واين هذا من غسل المولود؟
ومنها ـ غسل المباهلة كما تضمنته موثقة سماعة أيضا ، والظاهر من كلام الأصحاب ان المراد هو الغسل يوم المباهلة وهو اليوم الرابع والعشرون من ذي الحجة أو الخامس والعشرون منه على الخلاف ، ورأيت في بعض الحواشي المنسوبة إلى المولى محمد تقي المجلسي مكتوبا على الحديث المشار اليه ما صورته : «ليس المراد بالمباهلة اليوم المشهور وهو الرابع والعشرون أو الخامس والعشرون من ذي الحجة حيث بأهل النبي (صلىاللهعليهوآله) مع نصارى نجران بل المراد به الاغتسال لإيقاع المباهلة مع الخصوم في كل حين كما في الاستخارة ، وقد وردت به رواية صحيحة في الكافي وكان ذلك
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٢٧ من أبواب الأغسال المسنونة.