وقال في المعتبر بعد نقل مرسلة الصدوق دليلا على الحكم المذكور والتعليل الذي نقله عن بعض مشايخه ما صورته : «وعندي ان ما ذكره ابن بابويه ليس حجة وما ذكره المعلل ليس طائلا لانه لو صحت علته لما اختص الوزغة» انتهى. وفيه ان المعتمد في الاستدلال انما هو الرواية المسندة في الكافي وان كانت هذه المرسلة أيضا صالحة للدلالة لان إرسال الصدوق لا يقصر عن مثل ابن ابي عمير وغيره ممن عملوا على مراسيلهم ، وما ذكره من المناقشة في التعليل المذكور ففيه ان العلل الشرعية ليس سبيلها سبيل العلل العقلية التي يجب دوران المعلول مدارها وجودا وعدما ليرد ما ذكره بل الغرض منها أمور أخر ، والمراد من العلة هنا هو بيان نكتة مناسبة كما في جملة منها في غير هذا الموضع.
ومنها ـ السعي إلى رؤية مصلوب ليراه عامدا وقيده بعضهم بكونه بعد ثلاثة أيام ، والأصل في ذلك ما رواه في الفقيه مرسلا (١) قال : «وروي ان من قصد الى مصلوب فنظر اليه وجب عليه الغسل عقوبة». ونقل عن ابي الصلاح انه حكم بوجوب هذا الغسل نظرا الى ظاهر لفظ الوجوب هنا ، وظاهر الخبر المذكور ان مجرد السعي غير كاف بل لا بد من الرؤية مع ذلك ، وقيده جملة من الأصحاب بكونه بعد الثلاثة من صلبه أو موته ، والخبر ـ كما ترى ـ مطلق ، قالوا ولا فرق بين المصلوب الشرعي وغيره ولا بين كونه على الهيئة المعتبرة شرعا وعدمه ، كل ذلك لإطلاق الدليل ، وهو كذلك وأول وقته الرؤية.
والمحقق في المعتبر ومثله في المدارك ردا روايتي غسل المولود وغسل رؤية المصلوب بضعفهما سندا عن إثبات الوجوب وأثبتا بهما الاستحباب.
وفيه ان الاستحباب حكم شرعي يتوقف ثبوته على الدليل وإلا كان قولا على الله تعالى بغير دليل وهو منهي عنه آية ورواية ، فإن كانت الروايات الضعيفة باصطلاحهم
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ١٩ من أبواب الأغسال المسنونة.