(الثالث) ـ قال في الكتاب المذكور ايضا : «لو دعت الحاجة الى ذلك جاز كما لو حضرهم أهل القرى والأماكن البعيدة واحتاجوا الى المبيت عندهم فإنه ينبغي ضيافتهم» وهو جيد.
(الرابع) ـ الظاهر من الاخبار وكلام الأصحاب ان الأمر بالإطعام في الثلاثة يتوجه لجيران الميت وأقرباؤه ، والظاهر تقييده بما إذا لم يوص الميت بما يصرف لذلك من ماله وإلا سقط الحكم المذكور ، إلا انه ينبغي للوصي ـ كما تقدمت الإشارة اليه ـ ان يفوض ذلك الى غير أهل المصيبة لاشتغالهم بالحزن وبالناس القادمين عليهم عن ذلك.
(المقام الثالث) ـ الظاهر انه لا خلاف نصا وفتوى في جواز البكاء على الميت قبل الدفن وبعده ، ويدل على ذلك الأخبار المستفيضة ، ومنها ـ ما رواه الصدوق في الخصال والمجالس بسنديه فيهما الى محمد بن سهل البحراني يرفعه الى الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «البكاءون خمسة : آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت رسول الله (صلىاللهعليهوآله) وعلي بن الحسين ، اما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية ، واما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وحتى قيل له : «... تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ» (٢) واما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا اما ان تبكي الليل وتسكت بالنهار واما ان تبكي النهار وتسكت بالليل فصالحهم على واحد منهما ، واما فاطمة فبكت على رسول الله (صلىاللهعليهوآله) حتى تأذى بها أهل المدينة فقالوا لها قد آذيتنا بكثرة بكائك ، وكانت تخرج الى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف ، واما علي بن الحسين فبكى على الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة ما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قاله له مولى له اني أخاف عليك ان تكون من الهالكين. قال إنما أشكو بثي وحزني الى الله واعلم من الله
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٨٧ من أبواب الدفن.
(٢) سورة يوسف. الآية ٨٥.