أقول : والمستفاد من هذه الاخبار ان السنة تتأدى بمجرد وضع اليد على القبر وان الدعاء مع ذلك أبلغ في الفضل وكذلك استقبال القبلة ، وسنن الوضع المذكور لم تجتمع في خبر من هذه الأخبار إلا خبر كتاب الفقه ، والظاهر انه هو مستند المتقدمين فيما ذكروه من هذه السنن الثلاث حسبما ذكرنا في أمثال هذا المقام.
ومنها ـ التلقين وهو التلقين الثالث ولا خلاف فيه بين أصحابنا ، وأنكره الفقهاء الأربعة مع وروده في رواياتهم (١) والأصل فيه عندنا ما رواه المشايخ الثلاثة (عطر الله مراقدهم) عن يحيى بن عبد الله (٢) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليهالسلام) يقول ما على أهل الميت منكم ان يدرأوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير؟ قلت كيف يصنع؟ قال إذا أفرد الميت فليتخلف عنده اولى الناس به فيضع فمه عند رأسه ثم ينادي بأعلى صوته : يا فلان بن فلان أو يا فلانة بنت فلان هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله سيد النبيين وان عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين وان ما جاء به محمد (صلىاللهعليهوآله) حق وان الموت حق وان البعث حق وان الله يبعث من في القبور؟ قال فيقول منكر لنكير انصرف بنا عن هذا فقد لقن حجته». وروى في التهذيب عن جابر عن الباقر (عليهالسلام) (٣) قال : «ما على أحدكم إذا دفن ميته وسوى عليه وانصرف عن قبره ان يتخلف عند قبره ثم يقول : يا فلان بن فلان أنت على العهد الذي عهدناك به من شهادة ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله (صلىاللهعليهوآله) وان عليا أمير المؤمنين (عليهالسلام) امامك وفلان وفلان حتى يأتي على آخرهم (عليهمالسلام)؟ فإنه إذا فعل ذلك قال أحد الملكين لصاحبه قد كفينا الوصول اليه ومسألتنا إياه فإنه قد
__________________
(١) كما في كنز العمال ج ٨ ص ١٢٠ رقم ٢٢٣١ ومجمع الزوائد لابن حجر ج ٣ ص ٤٥ ومنتقى الاخبار متن نيل الأوطار ج ٣ ص ٧٧ والمغني لابن قدامة ج ٢ ص ٥٠٦.
(٢ و ٣) رواه في الوسائل في الباب ٣٥ من أبواب الدفن.