جائز إلا وجه له كما عرفت ، ولو تم هذا الكلام في هذا المقام لانجر الى غيره من الأحكام وهم لا يقولون بذلك بل يدورون مدار الأدلة والاخبار ولا سيما متأخري المتأخرين. وبالجملة فكلامهم هنا لا يخلو من مسامحة. وكيف كان فبما أوضحناه من رواية عظم الذراع فالوجه هو التخيير بين الروايات الثلاث كما صرح به في الفقيه ورد القول بالأربع أصابع لعدم الوقوف على مستنده ، وتعليل شيخنا المشار إليه في قبوله عليل كما عرفت.
(الثالث) ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في محلهما فالمشهور انه يجعل إحداهما من الجانب الأيمن من ترقوتة يلصقها بجلده والأخرى من الجانب الأيسر كذلك بين القميص والإزار ، ذهب اليه الصدوق في المقنع والشيخان وجمهور المتأخرين وذهب علي بن بابويه والصدوق في غير المقنع الى جعل اليمنى مع ترقوته يلصقها بجلده ويمد عليه قميصه واليسرى عند وركه بين القميص والإزار ، وعن الجعفي ان إحداهما تحت الإبط الأيمن والأخرى نصف مما يلي الساق ونصف مما يلي الفخذ ، وعن ابن ابي عقيل انها واحدة تحت إبطه الأيمن.
والروايات في ذلك لا تخلو من الاختلاف ، ففي صحيحة جميل أو حسنته المتقدمة قريبا (١) ما يدل على القول المشهور ، وفي رواية يونس المتقدمة (٢) «تجعل له واحدة بين ركبتيه نصفا مما يلي الساق ونصفا مما يلي الفخذ وتجعل الأخرى تحت إبطه الأيمن». وهذه الرواية دالة على ما ذهب إليه الجعفي ، وفي روايتي يحيى بن عبادة المتقدمتين (٣) قريبا «تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع ـ وأشار بيده من عند ترقوته ـ تلف مع ثيابه». وظاهرهما ان الموضوع جريدة واحدة ، وقد تقدم كلام الصدوق في معاني الأخبار (٤) الدال على إنكار ذلك ، ونحو هاتين الروايتين رواية يحيى بن عبادة المكي المتقدمة أيضا (٥) وفيها «جريدة خضراء توضع من أصل اليدين إلى أصل الترقوة». وفي رواية الحسن بن زياد الصيقل المتقدمة أيضا (٦) «واحدة في اليمين والأخرى في الأيسر».
وهي مجملة قابلة للانطباق
__________________
(١) ص ٤٢.
(٢) ص ٧.
(٣ و ٤ و ٥ و ٦) ص ٤٠.