وروى الصدوق في العلل بسنده عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليهالسلام) (١) في حديث قال : «ان فاطمة بنت أسد أوصت الى رسول الله (صلىاللهعليهوآله) فقبل وصيتها فلما ماتت نزع قميصه وقال كفنوها فيه». وروى في الكتاب المذكور بسنده فيه عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده (٢) في حديث : «ان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) دفن فاطمة بنت أسد وكفنها في قميصه ونزل في قبرها وتمرغ في لحدها». وروى في المجالس بسنده عن عباية بن ربعي عن عبد الله بن عباس في حديث وفاة فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليهالسلام) (٣) قال : «قال النبي (صلىاللهعليهوآله) لعلي خذ عمامتي هذه وخذ ثوبي هذين فكفنها فيهما ومر النساء فليحسن غسلها». وربما دلت هذه الاخبار الثلاثة بإطلاقها على جواز الكفن في القميص الملبوس بأزراره حيث لم يتعرض فيها لذكر قطع الأزرار ، ولا يبعد ان يكون لخصوصية من الطرفين ، إلا انه يمكن ان يقال ان الغرض من سياقها انما هو بيان تشريفه (صلىاللهعليهوآله) لها (رضياللهعنها) بتكفينها في قميصه لا بيان جواز التكفين في القميص حتى يكون الإخلال بذكر ذلك موجبا لعدمه من حيث ان المقام مقام البيان ، وحينئذ فيكون إطلاقها مقيدا بما مر من تلك الأخبار.
ومنها ـ ما ذكره الأصحاب من انه يكره جعل الحنوط في سمعه وبصره للأخبار المتقدمة الدالة على النهي عن ذلك ، حيث انهم (رضوان الله عليهم) ـ كما قدمنا نقله عنهم ـ قد جمعوا بين الاخبار الدالة على جواز وضع الحنوط في هذه المواضع والاخبار الدالة على النهي بالجواز على كراهة ، واما على ما قدمنا ذكره من ان الأظهر حمل اخبار الجواز على التقية فإنه تبقى أخبار النهي سالمة عن المعارض والنهي حقيقة في التحريم ولا موجب لإخراجه عن حقيقته. قال في المدارك ـ بعد قول المصنف : وان يجعل في سمعه وبصره شيء من الكافور ـ ما ملخصه : هذا قول الأكثر ويدل عليه
قوله (عليه
__________________
(١ و ٢ و ٣) رواه في الوسائل في الباب ٢٦ من أبواب التكفين.