مكرمة الملائكة فما من مؤمن يقبض روحه إلا تحضر عنده الملائكة. وروي ان الكافور يجعل في فيه وفي مسامعه وبصره ورأسه ولحيته وكذلك المسك وعلى صدره وفرجه». أقول : لا يبعد ان يكون اقتصاره (عليهالسلام) على نقل الروايات في المقام من غير ان يفتي بشيء منها خرج ايضا مخرج التقية. قال في الذكرى : واما المسك ففي خبرين أرسلهما الصدوق : أحدهما ان النبي (صلىاللهعليهوآله) حنط بمثقال من مسك سوى الكافور ، والآخر عن الهادي (عليهالسلام) انه سوغ تقريب المسك والبخور الى الميت ، ويعارضهما مسند محمد بن مسلم ثم ساق الرواية المتقدمة ثم قال : وخبر غياث ابن إبراهيم عن الصادق (عليهالسلام) (١) «ان أباه كان يجمر الميت بالعود». ضعيف السند. انتهى. أقول : لا حاجة الى الطعن بضعف السند بل ولو كان صحيح السند فان سبيله التقية التي هي في الأحكام الشرعية أصل كل بلية ، ويؤيد ما ذكرنا تأكيدا ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن عبد الله بن المغيرة عن غير واحد عن الصادق (عليهالسلام) (٢) قال : «الكافور هو الحنوط». وبالجملة الظاهر عندي هو القول المشهور للأخبار المذكورة ونحوها ، وما عارضها هنا محمول على التقية. والله العالم.
ومنها ـ التجمير وأصحابنا جميعا عدا الصدوق على الكراهة ، قال في المنتهى : «ذهب أكثر علمائنا إلى كراهية تجمير الأكفان ، وقال ابن بابويه يجمر الكفن ، وهو قول الجمهور» أقول : والأخبار هنا أيضا مختلفة ولكن سبيل هذه المسألة سبيل سابقتها في حمل ما دل على جواز ذلك على التقية (٣) فمن الأخبار الدالة على الجواز ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم عن الصادق عن أبيه (عليهماالسلام) (٤) «انه كان يجمر الميت بالعود فيه المسك وربما جعل على النعش الحنوط وربما لم يجعله وكان يكره ان يتبع الميت بالمجمرة». وعن عبد الله بن سنان في الحسن عن الصادق (عليهالسلام) (٥)
__________________
(١ و ٢ و ٤ و ٥) رواه في الوسائل في الباب ٦ من أبواب التكفين.
(٣) كما في البحر الرائق ج ٢ ص ١٧٧ والمهذب ج ١ ص ١٣٠ والمغني ج ٢ ص ٤٦٤.