واما على تقدير رواية التهذيب فلا حجة فيها إلا ان الأظهر هو سقوط لفظة الثوب من قلم الشيخ كما لا يخفى على من له انس بما وقع له من التحريف والسهو والزيادة والنقصان في متون الاخبار وأسانيدها. وبالجملة فالأظهر عندي هو طرح هذه الرواية من البين لما هي عليه من الاحتمالات وبذلك تصير من المتشابهات التي يجب الوقوف فيها. وكيف كان فالقول المذكور ضعيف لا يلتفت إليه في مقابلة الأخبار المتكاثرة وبها يجب الخروج عن الأصل الذي استند اليه. وما ذكره بعض متأخري المتأخرين من ضعف الاخبار المشار إليها وان المسألة محل اشكال فهو مما لا يلتفت إليه ، فإنها مع الإغماض عن المناقشة في هذا الاصطلاح قد تلقاها أصحابه بالقبول واتفقوا على العمل بها وهو جابر عندهم لضعفها.
(الثاني) ـ المشهور بين الأصحاب تعين القميص وضمها إلى الإزار واللفافة ، وقيل بالتخيير بينها وبين لفافة ثانية مع أفضلية القميص ، وهو مذهب ابن الجنيد ومال اليه المحقق في المعتبر وجملة من متأخري المتأخرين ، وهو الظاهر ، ويدل عليه ما تقدم في رواية محمد بن سهل عن أبيه ومرسلة الفقيه (١) قال المحقق الشيخ علي «ويراعى في جنس هذه الأثواب التوسط باعتبار اللائق بحال الميت عرفا فلا يجب الاقتصار على أدون المراتب وان ماكس الورثة أو كانوا صغارا حملا لإطلاق اللفظ على المتعارف» واستحسنه في الروض بعد نقله عنه قال : «لان العرف هو المحكم في أمثال ذلك مما لم يرد له تقدير شرعي» انتهى. وهو جيد لان الخطابات الشرعية انما تتعلق بالمكلفين باعتبار أحوالهم
__________________
كفنا والأول أصح» وفي الوجيز للغزالي ج ١ ص ٤٥ «وأقله ثوب واحد ساتر لجميع البدن والثاني والثالث حق الميت في التركة تنفذ وصيته بإسقاطهما» وفي المنهاج للنووي ص ١٣ «يكفن بماله لبسه حيا وأقله ثبوب» وفي بداية المجتهد ج ١ ص ٢١٣ «قال مالك لأحد في الكفن وانه يجزئ ثوب واحد في المرأة والرجل الا انه يستحب الوتر» وفي المغني ج ٢ ص ٤٦٤ و ٤٦٧ «يكفن في ثلاثة أثواب ويجوز التكفين في ثوبين وقال الأوزاعي أقل ما يجزئ ثوب واحد يستر جميعه».
(١) وإطلاق الأثواب الثلاثة في جملة من الاخبار ـ ص ٦.