ومحمد بن مسلم وبين صحيحة محمد بن مسلم بحمل الوضوء في الموثقة المذكورة على الاستحباب ونفيه في الصحيحة المشار إليها على نفي الوجوب بقرينة قوله «عليه» وهو لا ينافي الاستحباب ـ ليس في محله ، فان مورد إحداهما غير مورد الأخرى كما أوضحناه والعجب من شيخنا المشار إليه في ارتكابه التأويل في عبارة كتاب الفقه مع وجود القائل باستحباب الوضوء ووجود الرواية الدالة عليه كما عرفت ، وكأنه لم يخطر بباله ذلك يومئذ. والله العالم.
ومنها ـ فرش القبر بالساج مع الضرورة والكراهة مع عدمها ، ويدل عليه ما رواه في الكافي عن علي بن محمد القاساني (١) قال : «كتب علي بن بلال الى ابي الحسن (عليهالسلام) : انه ربما مات الميت عندنا وتكون الأرض ندية فيفرش القبر بالساج أو يطبق عليه فهل يجوز ذلك؟ فكتب : ذلك جائز». وروى في الفقيه مرسلا (٢) قال : «وقد روى عن ابي الحسن الثالث (عليهالسلام) إطلاق في ان يفرش القبر بالساج ويطبق على الميت الساج». والشيخ قد روى الحديث (٣) مضمرا ولم يصرح بابي الحسن (عليهالسلام) ومن ثم قال في الذكرى بعد نقل الرواية من طريق الشيخ : «والظاهر ان المسؤول الامام مع الاعتضاد بفتوى الأصحاب» وكأنه غفل عن الرواية بطريق الشيخين الآخرين فإنهما صرحا ـ كما ترى ـ به. قيل : وتطبيق الساج عليه جعله حواليه كأنه وضع في تابوت. أقول : والساج خشب معروف والطيلسان الأخضر كما في الصحاح وغيره والمراد هنا الأول ، قال في الوافي بعد نقل رواية الصدوق : وأريد بالإطلاق الجواز فلا ينافي تقييد الحديث بالأرض الندية مع ان هذا القيد ليس إلا في السؤال. قال في الذكرى : اما وضع الفرش عليه والمخدة فلا نص فيه ، نعم روى ابن عباس من طريقهم (٤) انه جعل في قبر النبي (صلىاللهعليهوآله) قطيفة حمراء ،
__________________
(١ و ٢ و ٣) رواه في الوسائل في الباب ٢٧ من أبواب الدفن.
(٤) كما في صحيح مسلم ج ١ ص ٣٥٦ وسنن البيهقي ج ٣ ص ٤٠٨.