فقال بلى. فقال المسلمون : ولنا يا رسول الله (صلىاللهعليهوآله) في فرطنا ما لعثمان؟ قال نعم لمن صبر منكم واحتسب. الحديث».
أقول : ينبغي ان يعلم انه لا منافاة بين هذه الاخبار وما دلت عليه من استحباب احتساب الولد والصبر على مصيبة فقده وبين ما تقدم من جواز البكاء ، فان البكاء لا ينافي الصبر والتسليم لله عزوجل وانما هو رحمة ورقة بشرية جبلية لا يملك الإنسان منعها كما تقدم ذكره في بعض الاخبار المتقدمة والإشارة إليه في آخر ، واما منعه (صلىاللهعليهوآله) خديجة من البكاء هنا فلعله لغرض اخبارها بالفائدة المذكورة في الخبر أو ان النهي عن إكثاره ، ويؤيد ما ذكرناه ما رواه في الكافي عن جابر عن الباقر (عليهالسلام) (١) في حديث قال : «من صبر واسترجع وحمد الله عزوجل فقد رضي بما صنع الله تعالى و (وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) ، ومن لم يفعل ذلك جرى عليه القضاء وهو ذميم وأحبط الله تعالى اجره». وبالجملة فإنه لما ثبت جواز البكاء كما تقدم ووقع ذلك من النبي وفاطمة والأئمة من بعده (صلوات الله عليهم) فلا بد من الجمع بينه وبين هذه الاخبار ولا وجه في الجمع إلا ما ذكرناه.
(المقام السادس) ـ قد تكاثرت الاخبار بما يلحق الميت بعد موته من الثواب وتخفيف العقاب بما قدمه من بعض الأعمال وما يهدى اليه من الأهل والاخوان ، قال في المنتهى : كل قربة تفعل ويجعل ثوابها للميت المؤمن فإنها تنفعه ، ولا خلاف في الدعاء والصدقة والاستغفار وأداء الواجب التي يدخلها النيابة ، قال الله تعالى : «وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ ...» (٢) وقال : «... وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ...» (٣) أقول : ومن الأخبار التي أشرنا إليها ما
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ٧٣ من أبواب الدفن.
(٢) سورة الحشر. الآية ١٠.
(٣) سورة محمد. الآية ١٦.