في انه هل يأثم بإراقته الماء أو هبته في الوقت مع علمه بعدم الماء وان فرضه ينتقل الى التيمم؟ ظاهر الأصحاب ذلك وهو كذلك كمن أخل بالطلب مع كونه مأمورا به وهذا قد أخل بالطهارة بالماء مع كونه مأمورا بذلك ، وكيف كان فحيث ان الحكم غير منصوص وان كان القول المشهور أوفق بالقواعد الشرعية فلا ينبغي ترك الاحتياط في المسألة.
(السادس) ـ لو أخل بالطلب وضاق الوقت فتيمم وصلى ثم وجد الماء في محل الطلب من الغلوات أو مع أصحابه الباذلين له أو في رحله فهل يحكم بصحة ما فعل من التيمم والصلاة أو يجب عليه القضاء؟ قولان أحدهما العدم وهو اختيار السيد في المدارك وقبله المحقق الأردبيلي ، ووجهه ظاهر مما تقدم في سابق هذه المسألة فإنها من جزئياتها ، والمشهور وجوب القضاء استنادا الى ما رواه الشيخ عن ابي بصير (١) قال : «سألته عن رجل كان في سفر وكان معه ماء فنسيه وتيمم وصلى ثم ذكر ان معه ماء قبل ان يخرج الوقت؟ قال عليه ان يتوضأ ويعيد الصلاة». وأنت خبير بان ظاهر الخبر المذكور (أولا) ـ انما هو النسيان وهو أخص من المدعى. و (ثانيا) ـ ان تيممه وقع في السعة وهو خلاف المفروض في كلامهم ، والعجب ان شيخنا الشهيد الثاني في الروض حيث قيد إطلاق عبارة المصنف بضيق الوقت قال وانما قيدنا المسألة بالضيق تبعا للرواية وفتوى الأصحاب. والرواية ـ كما ترى ـ صريحة في السعة وليس غيرها في المسألة. و (ثالثا) ـ انه قد صرح بأنه لو تيمم في الصورة المذكورة حال السعة بطل تيممه وصلاته وان لم يجد الماء بعد ذلك ، قال لمخالفته الأمر وان جوزنا التيمم مع سعة الوقت بعد الطلب. انتهى. ولا ريب ان هذا مدلول الخبر المذكور كما عرفت. ثم قال : واعلم ان الأصل يقتضي عدم وجوب إعادة الصلاة مع مراعاة التضيق وان أساء بترك الطلب لإيجابه الانتقال إلى طهارة الضرورة ، لكن لا سبيل الى رد الحديث المشهور ومخالفة الأصحاب. وفيه
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ١٤ من أبواب التيمم.