قول الصدوق في الفقيه بعد نقل مضمون مرفوعة علي بن احمد : «والجنب إذا خاف على نفسه من البرد يتيمم» ما يشير الى ما ذكرناه ، فان الظاهر انه فهم من الخبر عدم التضرر بالغسل فاردفه بهذا الكلام لدفع ما فيه من الإجمال وبيان انه من تضرر بالغسل انتقل الى التيمم ، وبه يزول ما أوردناه عليه آنفا من الاشكال ويرتفع عن كلامه الاختلال. واما الخبران الآخران فليس فيهما تصريح بالفرق بين كون الجنابة عمدا أو احتلاما بل ظاهرهما وجوب الغسل مطلقا فلا يقومان حجة على التفصيل المدعى في المسألة. وبالجملة فما فيه تفصيل ليس فيه تصريح بالضرر وما فيه تصريح بالضرر فليس فيه تفصيل. ولو قيل ان صحيحة سليمان بن خالد دلت على كونه (عليهالسلام) قد أصابته جنابة فتحمل ذلك الضرر العظيم في الغسل وجنابته (عليهالسلام) لا يجوز ان تكون من احتلام لعدم جوازه على المعصوم. قلنا نعم الأمر كذلك ولكن الحمل ايضا على تعمد الجنابة في تلك الحال المحكية في الخبر لا يقصر في البعد عن الأول ، فإن ظاهر الخبر انه (عليهالسلام) كان في سفر وانه كان وجع وجعا شديدا يمنعه من الحركة والمشي وصب الماء على نفسه فاحتمال انه يجامع على هذه الحال ويتحمل هذه المشقة الشديدة لا يكاد يتصور في عقل عاقل ولا يدخل في فهم فاهم ، واحتمال عروض هذه الحال بعد الجنابة يرده سياق الخبر ، والتعلق بمثل هذا الخبر على ما فيه من التهافت والخروج عن مقتضى العقول السليمة في مقابلة تلك الأخبار المعتضدة بما عرفت لا يخلو من مجازفة. وفيما ذكرناه في المقام كفاية واضحة لذوي الأفهام. والله العالم.
وتمام الكلام في المقام يتوقف على رسم فوائد (الاولى) ـ المشهور بين الأصحاب القائلين بالتيمم في هذه الصورة عدم وجوب الإعادة بعد وجود الماء ، وذهب الشيخ في النهاية والمبسوط الى الوجوب كما تقدم نقله عنه ، والذي يدل على المشهور روايات مستفيضة سيأتي ذكرها في الباب ، واستدل في التهذيب على ما ذهب إليه برواية جعفر ابن بشير المتقدمة في الوجه الرابع من وجوه الطعن ومثلها صحيحة عبد الله بن سنان