جعفر بن بشير عمن رواه عن الصادق (عليهالسلام) (١) قال : «سألته عن رجل أصابته جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التلف ان اغتسل؟ قال يتيمم ويصلي فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة». ورواية محمد بن سكين وقد تقدمت في صدر المقام (٢) ونحوها من الروايات المتقدمة مما دل بإطلاقه على ان من اصابته جنابة وتضرر بالغسل يتيمم أعم من ان تكون الجنابة من احتلام أو تعمد ، وما في الوسائل ـ من تقييد هذه الأخبار بالاخبار التي استند إليها وهي التي قدمناها ـ مردود بان تلك الأخبار قد أسقطناها لمخالفتها الكتاب العزيز والسنة المطهرة المستفيضة المعتضدة بأدلة العقل ، إذ ذلك قضية العرض على كتاب الله تعالى كما استفاضت به الاخبار عنهم (عليهمالسلام) وإلا لزم طرح اخبار العرض مع استفاضتها وإجماع الطائفة على العمل بها وفيه من الشناعة ما لا يلتزمه محصل ، وقد روى هذا القائل في كتابه المشار اليه من اخبار العرض ما يكاد يبلغ التواتر المعنوي ، وقد عضد الجميع في ذلك الأخبار التي ذكرناها في المقام الثالث مضافا الى ما سنبينه ان شاء الله تعالى من الطعن في مضامينها وحينئذ فلم يبق لها وجود بالكلية فضلا ان يرتكب بها التخصيص لما ذكرناه من الاخبار.
و (خامسها) ـ توجه الطعن الى الروايات المذكورة ، اما المرفوعتان فلا صراحة فيهما بل ولا ظاهرية سيما الاولى بحصول ضرر بالغسل يوجب الانتقال الى التيمم وحينئذ فلا تنطبقان على محل النزاع ، ويمكن حملهما على ان وجه الفرق فيهما بين الجماع عن تعمد فيجب عليه الغسل والاحتلام فيتيمم ان ذلك المريض لم يتعمد الجنابة إلا حيث كان قادرا على الاغتسال من غير ضرر ولا مشقة شديدة فأوجب عليه الغسل حينئذ واما الاحتلام فليس كذلك ، وحاصله ان المرض المذكور موجب للتيمم لكن صاحبه متى جامع متعمدا فهو قرينة على قدرته على الاغتسال ، وهذا الوجه كاف في قبول الخبرين وانطباقهما على الأخبار وعدم خروجهما عن موافقة الكتاب والسنة ، ولعل في
__________________
(١) رواه في الوسائل في الباب ١٦ من أبواب التيمم.
(٢) ص ٢٧٧.