الى ان قال : قلت له فمن حمله عليه غسل؟ قال : لا. قلت فمن ادخله القبر عليه وضوء؟ قال : لا إلا ان يتوضأ من تراب القبر ان شاء». قال شيخنا المجلسي (قدسسره) في البحار في شرح حديث الفقه الرضوي : قوله (عليهالسلام) : «يتوضأ» لعل المراد بالتوضؤ غسل اليد كما روي الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم ثم ذكر الرواية كما ذكرناه ، ثم قال : فان الظاهر منه ايضا ان المراد انه يغسل يده مما أصابها من تراب القبر واما الحمل على التيمم بتراب القبر فلا يخلو من بعد إذ إطلاق الوضوء على التيمم غير مأنوس ، وايضا فلا ثمرة للتخصيص بتراب القبر.
أقول : هنا شيئان : (أحدهما) الوضوء لأجل إدخال الميت قبره بمعنى انه يستحب ان يكون الملحد على طهارة كما نقل عن الفاضلين المذكورين ، وحينئذ فالمراد بقوله (عليهالسلام) في موثقة الحلبي ومحمد بن مسلم : «توضأ إذا أدخلت الميت القبر». أي إذا أردت إدخاله ، وكذا قوله (عليهالسلام) في كتاب الفقه ، وهذا التجوز في التعبير شائع في الكتاب العزيز والسنة النبوية كقوله عزوجل : «إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ... الآية» (١) وقوله : «فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ ...» (٢) و (ثانيهما) الوضوء بمعنى الغسل عما يلاقيه من بدن الميت أو ثيابه أو نحو ذلك ، وهذا هو المسؤول عنه في صحيحة محمد بن مسلم على الظاهر فإن السؤالات المذكورة فيها عن الغسل في تلك المواضع المذكورة فيها مبنية على توهم تعدى نجاسة الميت في تلك الصورة فنفي (عليهالسلام) فيها ما نفي واثبت ما اثبت ومن جملتها السؤال عمن ادخله القبر هل عليه الوضوء ـ يعني غسل يده بسبب إدخاله القبر ـ أم لا؟ فأجاب (عليهالسلام) بأنه لا يوجب وضوء يعني غسلا إلا ان يريد ان يغسل يده من تراب القبر للتنظيف ان شاء. وبذلك يظهر ان تأويل شيخنا المشار إليه لرواية كتاب الفقه بالحمل على الغسل استنادا الى ما دلت عليه صحيحة محمد بن مسلم ـ وكذلك جمع صاحب الوسائل بين موثقة الحلبي
__________________
(١) سورة المائدة. الآية ٨.
(٢) سورة النحل. الآية ٩٩.