الثاني : قالوا ، إذا التمس الجار وضع جذوعه على حائط جاره لم يجب على جاره اجابته. نعم يستحب ، واستدل في المسالك على الاستحباب بما روى عنه (صلىاللهعليهوآله) من قوله» من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يمنعن جاره من وضع خشبة على جداره».
أقول : لم أقف على هذا الخبر في كتب أخبارنا ، والظاهر أنه من طريق العامة حيث انه نقل في المسالك أن بعضهم أجاز وضع الخشب بدون الاذن مستندا الى هذا الخبر.
وكيف كان فان عموم اخبار قضاء الحوائج للمؤمنين والتوصية بالجار ونحو ذلك مما يدل على الاستحباب في مثل ذلك ، فلا بأس به.
ثم انه لو أذن له في الوضع فله الرجوع في الاذن ما لم يضعه اتفاقا ، أما لو وضعه فقيل : انه ليس له الرجوع لاقتضاء الاذن في ذلك الدوام والتأبيد كالإذن في دفن الميت في الأرض ، وللإضرار الحاصل بالنقض حيث يفضى الى خراب ملك المأذون ، ذهب اليه الشيخ في المبسوط وجماعة ، والمشهور بين المتأخرين ، ومنهم المحقق والعلامة والشهيدان وغيرهم أن له الرجوع لأنه عارية ، والأصل جواز تصرف المالك في ملكه بأي نحو كان ، قالوا : والحاقه بالدفن قياس مع الفارق ، لتحريم نبشه ، لا من حيث تخريب البناء والإضرار يندفع بضمان الأرش.
أقول : وهذا الجواب جيد ، الا أن بعضهم احتمل جواز النقض مجانا من غير أرش ، بناء على أن الاذن إنما أفاد العارية ، ولازمها الرجوع متى أراد مع أصالة براءة ذمة المالك من ثبوت مال لغيره عليه على تخليص ملكه منه ، بل أصالة البراءة مطلقا.
والقائلون بالأول استندوا إلى أنه بناء محترم صدر بالاذن ، فلا يجوز قلعه الا بعد ضمان نقصه ، ولان فيه جمعا بين الحقين ، ولانه سبب الإتلاف لإذنه ، والمباشر ضعيف ، لأنه بالأمر الشرعي.
ثم انه على تقدير وجوب الأرش فهل هو عوض بما نقصت آلات الواضع بالهدم؟