مستلزما للخراب ، كما في العارية للدفن ، ولا ينفع الفرق بأن النبش حرام وأنه قياس ، لما تقدم ، ولأن الغرض التمثيل والتأييد ، على أنه قد يقال به ، لظهور العلة المشتركة ، ويدفع الفرق بأنه على تقدير جواز الرجوع لا يكون النبش حينئذ حراما ، بل يكون هذه من الصور المستثنيات الكثيرة.
ثم ان الظاهر على تقدير الجواز ما كان ينبغي وجوب الأرش ، لأنه انما هو بسبب كونه عارية ، وهي جائزة دائما ، والمالك قد أضر نفسه بقبول العارية الجائزة ، فكأنه جوز على نفسه الرجوع والتخريب لما بنى ، فكأنه المخرب والمهدم ، فلا يتوجه أنه سبب ، ومالك الخشب مباشر ، على أنه إذا كان جائزا فله أن يجبر مالك الجدار بحكم الحاكم بدفع ماله اليه ، فيكون هو المباشر فتأمل ، انتهى أقول : والمسئلة لخلوها عن النص محل توقف واشكال ، والاعتماد على هذه التعليلات في تأسيس الأحكام الشرعية مجازفة ظاهرة ، سيما مع تدافعها كما عرفت.
نعم يمكن تأييد مذهب الشيخ بما دل على وجوب الوفاء بالوعد من الآية والرواية ، فإن هذه المسئلة وان كانت من قبيل العارية التي حكمها جواز الرجوع فيها ، الا أن قرائن الحال تشهد بأن المطلوب منها هنا الدوام ، فان المعير انما أعار جداره على هذا الوجه ، فلا يجوز له الرجوع بعد ذلك ، لما دل على وجوب الوفاء بالوعد ، ويؤيده حديث الوفاء بالشروط ، والله العالم.
تذنيبان :
الأول ـ قال في التذكرة : ان رفع صاحب الجذوع جذوعه لم يكن له إعادتها إلا بإذن جديد ، لأن الإذن الأول زال بزواله وكذا لو أذن في وضع روشن على حائطه أو جناح أو ساباط ، وهو أحد قولي الشافعي.
والثاني أن له الوضع عملا باستصحاب الاذن الأول وكذا لو سقطت الجذوع أو الروشن أو الساباط أو الجناح بنفسه ، ولو سقط الجدار فبناه صاحبه بتلك الآلة فكذلك ، لأن الإذن لا يتناول إلا مرة ، وللشافعية وجهان ، ولو بناه بغير تلك الآلة