ويدل على القول المذكور مضافا الى اتفاق الأصحاب (رضوان الله عليهم) ، صحيحة عبد الله بن سنان ، وموثقة إسحاق بن عمار ، وموثقة الحسين بن الجهم المتقدمات ، فإنها صريحة في خلو ذمة المضمون عنه ، وانتقال المال إلى ذمة الضامن ، فعلى هذا لو أبرأ المضمون له ذمة المضمون عنه لم يفد شيئا ، بل كان لغوا وذلك لأنك قد عرفت أنه بالضمان انتقل المال إلى ذمة الضامن ، وبرئت ذمة المضمون عنه من حق المضمون له ، فهذا الإبراء لم يصادف محلا لانه غير مشغول الذمة له.
نعم لو أبرأ ذمة الضامن برئا جميعا ، أما الضامن فلانه مشغول الذمة له ، فإذا أبرئه برئت ذمته ، وأما المضمون عنه فلان الضامن لا يرجع عليه الا بما أداه عنه ، وهو هنا لم يؤد عنه شيئا ، فلا يرجع إليه بشيء ، وخالف الجمهور في ذلك ، فقالوا : ان كل واحد من الضامن والمضمون عنه ذمته مشغولة ، فإذا أبرأ المضمون له المضمون عنه فقد أبرأ الضامن ، لسقوط الحق كما لو أدى المال ، ولو أبرأ الضامن لم يبرء المضمون عنه ، لان الضامن عندهم كالوثيقة فلا يلزم من سقوطها سقوط الدين كفك الرهن.
والحكم المذكور اتفاقي بين أصحابنا كما ذكره في التذكرة : حيث ادعى إجماع علمائنا على ذلك ، والمحقق في الشرائع نسبه إلى قول مشهور ، وربما كان فيه اشعار بوجود مخالف منا ، أو إشارة الى عدم تحقق الإجماع المدعى.
السادس : قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه يشترط في الضامن الملاءة أو العلم بإعساره والمراد انه شرط في اللزوم لا في الصحة فلو ضمن ثم بان إعساره كان للمضمون له الفسخ ، قالوا : لان عقد الضمان مبنى على الارتفاق ، والقصد منه استيفاء الدين من الضامن ، وانما يكون ذلك إذا أمكن الأداء بإيساره ، فإذا فات هذا المقصود ثبت للمضمون له الخيار بين الصبر على الضامن ، وبين فسخ العقد والرجوع على المضمون عنه.
وهل الخيار هنا على الفور أم لا لم أقف فيه على كلام لهم ، والأصل يقتضي