السابع ـ الحق المضمون اما أن يكون حالا أو مؤجلا ، ثم انه اما أن يضمنه الضامن حالا أو مؤجلا ، وعلى تقدير ضمان المؤجل مؤجلا ، اما أن يكون الأجل الثاني مساويا للأول ، أو أنقص أو أزيد ، وعلى التقادير اما ان يكون الضمان تبرعا ، أو بسؤال المضمون عنه ، فالصور اثني عشرة ، وقد صرح جملة من محققي المتأخرين ومتأخريهم بأنها كلها جائزة ، للأصل ، وعموم دلائل مشروعية الضمان ، وتحقق الغرض المطلوب منه في الجميع ، ولانه كالقضاء عن المدين ، وبعض هذه الصور إجماعي ، وبعضها محل خلاف ، الا أن محل الخلاف في كلامهم غير محرر.
وظاهر كلام المحقق في الشرائع أن الضمان المؤجل جائز إجماعا ، وفي الحال تردد أظهره الجواز ، والمراد من الثاني الذي هو محل التردد عنده ما لو كان الدين مؤجلا فضمنه الضامن حالا.
والمنقول عن الشيخ وجماعة منع الضمان هنا ، لان مبنى عقد الضمان على الإرفاق ، وتسهيل الأمر على المضمون عنه ، والضمان في هذه الصورة ينافي الغرض المذكور ، لان الدين مؤجل والضامن يريد أن يضمنه حالا ، ويرجع به على المضمون عنه ، ووجه آخر وهو أن ثبوت المال في ذمة الضامن فرع ثبوته في ذمة المضمون عنه ، والفرع لا يكون أقوى من الأصل ، (١) والقائلون بالصحة أجابوا عن ذلك بأن المنتقل بالضمان هو الدين ، وأما الأجل فإذا أسقطه المديون وأدى المال حالا جاز ، فكذا إذا سأل الضمان كذلك ، لان الضمان انما ضمن كذلك باذنه وسؤاله ، فهو في معنى الاسقاط له ، لكنه لا يرجع على المضمون عنه الا بعد تمام
__________________
(١) قال في المبسوط : إذا ضمن المؤجل حالا الأقوى أنه لا يصح ، لانه لا يجوز ان يكون الفرع أقوى من الأصل ، قال في المختلف : بعد نقل ذلك عنه : الوجه عندي الصحة ، ولا نسلم تحقق القوة هنا ، فإنه يجوز للمضمون عنه دفع المال معجلا كذا يجوز الضمان معجلا ، فان الضمان كالقضاء إذا ثبت هذا ، فإذا ضمن حالا لم يكن له الرجوع على المضمون عنه ، الا بعد الأجل وان أخذ منه المال حالا انتهى. منه رحمهالله.