وحكى عن أبى الدرداء أنه قال : قارض الناس ما قارضوك ، فان تركتهم لم يتركوك يريد ساوهم فيما يقولون ، وهذا المعنى تحقق هنا ، لان المال من جهة رب المال ، ومن جهة العامل العمل ، فقد تساويا في قيام العقد بهما ، فمن هذا المال ومن هذا العمل ، ويحتمل أن يكون ذلك لاشتراكهما في الربح ، وتساويهما في أصل استحقاقه ، وان اختلفا في كميته ، ويقال منه للمالك مقارض بكسر الراء ، وللعامل مقارض بالفتح ، ومن اللفظة الأولى يقال للعامل : مضارب بكسر الراء ، لأنه الذي يضرب في الأرض بالمال ويقلبه ، ولم يشتق أهل اللغة لرب المال من المضاربة أسماء ، بخلاف القراض ، كذا في التذكرة ، ونحوه في المسالك.
وقال في المسالك : واعلم أن من دفع الى غيره مالا ليتجر به فلا يخلو اما أن يشترطا كون الربح بينهما ، أو لأحدهما أو لا يشترطا شيئا ، فإن اشترطاه بينهما فهو قراض ، وان اشترطاه للعامل فهو قرض ، وان اشترطاه للمالك فهو بضاعة ، وان لم يشترطا شيئا فكذلك ، الا أن للعامل أجرة المثل ، ونحوه قال في التذكرة.
واعترضهما المحقق الأردبيلي هنا في موضعين : أحدهما ـ في البضاعة ، حيث حكما بأن للعامل أجرة المثل ، قال بعد نقل عبارة التذكرة قوله : «وعليه أجرة المثل للعامل» محل التأمل ، لأن الأصل عدم لزوم الأجرة ، وما ذكر من أنه إذا استعمل شخص بعمل له أجرة عادة لمثل هذا الشخص ، يستحق به أجرة المثل ان ثبت ذلك ، وكان ما نحن فيه من ذلك القبيل يكون له أجرة المثل ، والا فهو متبرع لما مر. انتهى.
وحاصله يرجع الى قيام احتمال التبرع ، فالحكم بالأجرة مع الإطلاق يحتاج الى دليل ، وليس فليس ، وهو جيد.