أقول : قال الشيخ في الخلاف : لا يصح القراض إذا كان رأس المال جزافا (١) لان القراض عقد شرعي يحتاج الى دليل شرعي ، وليس في الشرع ما يدل على صحة هذا القراض ، فوجب بطلانه ، والظاهر أنه هو المشهور.
وقال في المبسوط : يبطل ، وقال قوم يصح ، ويكون القول قول العامل في قدره ، فإن أقاما بينتين كان الحكم لبينة المالك ، لأنها بينة الخارج ، قال : وهذا هو الأقوى عندي.
قال في المختلف : وما قواه الشيخ هو الأجود ، لنا الأصل الصحة ، وقوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) «المؤمنون عند شروطهم». وقد وجد شرط سائغ فيحكم به ، انتهى.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ترجيح الأول من حيث الجهالة ، وظاهر المحقق الأردبيلي الميل الى الثاني ، لعموم الأدلة ، وعدم الدليل الواضح على المنع ، والمسئلة محل توقف لعدم الدليل الواضح على الجواز ، والتعلق بإطلاق الأدلة مردود بما عرفت في غير مقام مما تقدم ، من أن الإطلاق يجب حمله على الافراد المتعارفة المتكررة الشائعة ، وذلك انما هو مع التعين ، ومعلومية المقدار ، وعدم تطرق الجهالة بوجه من الوجوه.
وكيف كان فإنه لا إشكال في كون القول قول العامل بيمينه لو اختلفا في قدره ، صحت المضاربة أم بطلت ، لانه منكر ، ومقتضى القاعدة تقديم قوله بيمينه ، ومع وجود البينتين وتعارضهما فان الحكم لبينة المالك ، لانه المدعى
__________________
(١) قال في التذكرة : لا يصح القراض على الجزاف وان كان مشاهدا له مثل قبضة من ذهب أو فضة مجهولة القدر أو كيس من الدراهم مجهول القدر سواء شاهده العامل والمالك أو لا ، وبه قال الشافعي ، لعدم إمكان الرجوع اليه عند المناضلة فلا بد من الرجوع الى رأس المال عندها ، وأن جهالة رأس المال يستلزم جهالة الربح ، وقال أبو حنيفة : يجوز أن يكون رأس المال مجهولا ويكون القول قول العامل بيمينه الا أن يكون لرب المال بينة فبينة رب المال أولى انتهى ، منه رحمهالله.