ولو فضل أحدهما صح أيضا وان كان عملهما سواء ، وعلل الحكم الأول وهو تساويهما مع الإطلاق باقتضاء الاشتراك وأن الأصل عدم التفصيل ، ولانه المتبادر منه عرفا كما سبق في قوله بيننا.
أقول : لا يخفى ما فيه ، فان اقتضاء الاشتراك التساوي ممنوع ، بل هو أعم ، وهو أول المسئلة أيضا ، ودعوى أنه المتبادر منه عرفا كذلك ، وقد تقدم ما في الاستناد الى قوله «بيننا» من أن ظاهره انما هو الاشتراك مطلقا كما هو ظاهر الاخبار ، لا التنصيف كما ادعوه ، وعلل الثاني وهو تفصيل أحدهما مع استوائهما في العمل بأن غايته اشتراط حصة قليلة لصاحب العمل الكثير ، وهو مما لا منافاة فيه لأن الأمر في الحصة راجع الى ما يشترطانه ، ويتفقان عليه قل أو كثر ، ولان العقد الواحد مع اثنين في قوة عقدين فيصح ، كما لو قارض أحدهما في نصف المال بنصف الربح ، والأخر في النصف الأخر بربع الربح ، فإنه جائز اتفاقا مع تساويهما في العمل ، والخلاف هنا انما هو من بعض العامة ، حيث اشترط التسوية بينهما في الربح مع التساوي في العمل ، قياسا على اقتضاء شركة الأبدان ذلك ، والأصل والفرع عندنا باطلان.
الخامسة : لو اختلفا في نصيب العامل فان مقتضى القواعد الشرعية أن القول قول المالك بيمينه ، لانه منكر لما يدعيه العامل من الزيادة ، ولان الاختلاف في فعل المالك الذي هو تعيين الحصة وهو أبصر به ، ولأن الأصل تبعية الربح لرأس المال ، فلا يخرج عنه الا ما أقر المالك بخروجه ، والمعتمد من هذه الوجوه هو الوجه الأول ، فإنه المعتضد بالنصوص الصحيحة الصريحة ، وما عداه من المؤيدات الواضحة.
وقيل : ان هذا مع عدم ظهور الربح ، أما معه فالحكم هو التحالف ، لان كلا منهما مدع ، ومدعى عليه ، فان المالك يدعى استحقاق العمل الصادر بالحصة الدنيا ، والعامل ينكر ذلك ، فيجيء القول بالتحالف ، لان ضابطه كما