أقول : والكلام هنا يقع في مواضع الأول ـ قولهم أنه متى فسخ المالك وكان المال ناضا ولا ربح فيه فللعامل أجرة المثل ، قيل ووجهه من حيث أن عمله محترم باذن المالك ، وليس على وجه التبرع بل في مقابلة الحصة ، وحيث أنه فاتت بفسخ المالك قبل ظهور الربح فإنه يستحق أجرة عمله الى حين الفسخ.
وفيه نظر ، لانه لم يدخل الا على تقدير الحصة من الربح على تقدير وجودها ، ومن الجائز أن لا يحصل ربح بالكلية ، أو يحصل مع فواته بجبر نقص رأس المال ، فلا يحصل له شيء بالكلية ، والحصة فيما نحن فيه غير موجودة ، وإثبات أجرة المثل يتوقف على الدليل ، فان قيل : أنه انما جعل له الحصة على تقدير استمراره الى أن يحصل ، وهو يقتضي عدم عزله قبل حصولها ، فان خالف فقد فوتها عليه ، فيجب عليه أجرته ، قلنا : لا يخفى أن مقتضى عقد القراض حيث كان من العقود الجائزة هو جواز فسخه في كل وقت منهما ، أو من أحدهما ، فدخول العامل في هذا العقد مع علمه بما يقتضيه ويترتب عليه رضا منه بذلك فقول هذا القائل : أن العقد يقتضي عدم عزله قبل حصول الحصة ، ليس في محله على أنك قد عرفت أنه يجوز أن يستمر العقد ، ولا يحصل ربح بالكلية ، أو يحصل ولكن يفوت بجبر نقصان رأس المال.
وبالجملة فإن إثبات هذه الأجرة المذكورة يحتاج الى دليل واضح ، وليس فليس ، والتعليل المذكور عليل بما عرفت.
وهذا البحث يأتي أيضا فيما لو لم يكن المال ناضا لا ربح فيه ، فان الكلام المذكور جار فيه أيضا ، هذا كله فيما إذا كان الفسخ من المالك.
أما لو كان الفسخ في هذه الحال من العامل ، فإنه لا شيء له كما هو ظاهر بعضهم ، والوجه فيه ظاهر ، لقدومه على ذلك ، وعدم صبره الى أن يحصل الربح وأجرة المثل انما أوجبوها على المالك في الصورة الأولى حيث أنه كان سببا في تفويت الأجرة ، وحينئذ فلا شيء له.