ثم انه على تقدير ما ذكره من الجواز يلزم من ذلك أخذ المالك الحصة من ذلك المزروع مجانا ، وهو باطل ، لانه غير داخل في العقد ، فكيف يستحق فيه المالك شيئا ، وعين البذر مال العامل وملكه ، ولا دليل على انتقال شيء منه عن ملكه إلا بالمزارعة عليه ودخوله في عقد المزارعة ، والمفروض أنه ليس كذلك.
وبه يظهر أيضا ما في عبارة القواعد هنا من التخيير بين أخذ الحصة مجانا وبين أجرة المثل ، فإنه لا وجه لأخذ الحصة مجانا كما عرفت ، بل الحق انما هو أجرة المثل وانفساخ العقد.
الثاني ـ أن ما ذكراه من التخيير في صورة زرع الأضر بين المسمى مع الأرش ، وبين أجرة المثل ، منظور فيه بأن الحصة المسماة إنما وقعت في عقد المزارعة بالنسبة الى ذلك المعين في العقد ، والذي زرعه العامل لم يتناوله العقد ، ولا الاذن ، فكيف يستحق منه المالك حصته ، فإذا زارعه على حنطة بأن يكون للمالك نصف حاصلها ، وبذر العامل شعيرا فبأي وجه يستحق المالك حصته من ذلك الشعير ، وهو غير داخل في العقد ، ومقتضى ملك العامل له أن يكون نماؤه وما يخرج منه لمالكه خاصة ، وبه يظهر أن الأقوى انما هو أجرة المثل في الموضعين المذكورين ، هذا بالنسبة إلى المزارعة.
أما في الإجارة فإنه لو استأجر منه الأرض لزراعة نوع معين ، مثلا فان زرع الأضر فالكلام عندهم كما تقدم في المزارعة ، وان زرع الأخف ضررا فإنهم صرحوا هنا بالفرق بين العقدين في ذلك ، وأنه يصح في الأول ، دون الثاني.
قال في المسالك في تعليل ذلك : فان عدول المستأجر إلى زرع ما هو أخف ضررا منه متجه ، لان الغرض من الإجارة للمالك تحصيل الأجرة ، وهي حاصلة على التقديرين ، وتبقى معه زيادة تخفيف الضرر عن أرضه ، وأولى منه لو ترك