نعم لو فرض الجهل بها على كل حال اتجه المنع ، وبالجملة فإنه إذا رضي المستأجر بذلك مع العلم بالأرض بأحد الوجوه جاز ، وأما مع الجهل مطلقا وعدم العلم بوجه فلا ، ولو كان الماء قليلا يمكن معه بعض الزروع جاز ، لإمكان الانتفاع في الجملة ، سواء أمكن الزرع في جميع الأرض على النقصان ، أو أمكن في بعض دون بعض ، مع إلحاق ما لا يمكن فيه من الأرض بالجميع.
وكيف كان فلا بد من علم المستأجر بذلك والا تسلط على الفسخ للعيب ، وأما لو كان الماء ينكشف عن الأرض تدريجا فإن الإجارة لا تصح ، لجهالة وقت الانتفاع ، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين رضاء المستأجر بذلك وعدمه ، لان رضاه بعقد غير صحيح لا يوجب صحته ، لما عرفت من أن العقد باطل من حيث جهالة وقت الزرع.
وفي القواعد قيد المنع بعدم رضا المستأجر ، فلو رضى بذلك صح ، ورد بأن هذا انما يتم في العيب ، فإنه يتخير بالرضاء والخيار ، لا في الجهالة التي هو موجبة لبطلان العقد ، ولو قيل : ـ بإلحاق هذا الفرد بما ذكر نظرا إلى إمكان الانتفاع في الجملة ـ قلنا : لا ريب ان ما يوجبه انقطاع الماء تدريجا نقصان المنفعة ، واللازم من ذلك تخير المستأجر مع الجهل ، لا الحكم بعدم الصحة ، مع أنه قد حكم بعدم الصحة مع عدم الرضا.
وبالجملة فما نقلناه أولا أوفق بالقواعد المقررة بينهم.
قال في المسالك بعد ذكر نحو ذلك : وهذه الأحكام آتية في المزارعة على الأرض المذكورة ، فكان ذكرها في بابها أولى من استطراد الحكم الأجنبي ، أو التعميم ، وربما قيل : في هاتين المسألتين أن المنع مخصوص بالإجارة ، أما المزارعة عليها فجائزة ، والفرق ابتناء الإجارة على المعلومية ، لانضباط الأجرة ، فلا بد من انضباط المنفعة في مقابلتها ، بخلاف المزارعة ، فإن النفقة التي هي الحصة لما كانت مجهولة ، تسومح في مقابلتها من العوض بما لا يتسامح في غيرها ، ولا بأس به ، انتهى.