ذلك أجرة المثل ، أو أقل الأمرين منها ومن المسمى : ما لفظه ، ويمكن أن يقال : لا يجوز له يعنى المالك أخذ شيء ، لانه ادعى الحصة ، وقد سقطت باليمين ، فان الحق وعوضه لا يمكن الأخذ في الدنيا بعد الحلف ، كما هو المقرر عندهم ، ولانه لا يدعى عليه الا الحصة ، وقد ثبت شرعا نفيها ، ولا يدعى غيرها ، ويأخذه هو ، فكيف يكلف الشارع العامل بشيء آخر ، بل قائل بعدمه ، فلا يحتاج الى التحالف ، بأن يحلف المالك بنفي العارية ، إذ ليس للعامل غرض في تلك الدعوى ، بل غرضه نفى الحصة ، وقد نفاها بيمينه.
وبالجملة لا شك أن المدعى هنا هو المالك للحصة فقط ، والعامل منكر ، وإذا حلف سقطت ، وليس للمالك دعوى أخرى ، فإن كانت مسموعة عمل بمقتضاها ، وليس للعامل غرض يتعلق بدعوى العارية ، بل غرضه نفى دعوى الحصة وقد حصل ، فلا تحالف فتأمل ، وسيجيء مثله في دعوى الإجارة والعارية ، انتهى.
أقول : لقائل أن يقول : أن الغرض من دعوى العارية هو أنه لما ثبت من الشارع تحريم التصرف في مال الغير الا بوجه شرعي ، والا لكان ذلك موجبا للمؤاخذة دينار ودنيا ، أما في الدين فباستحقاق العقاب ، وأما في الدنيا فباستحقاق العوض ، احتاج العامل الى التعلق بشيء يدفع عنه الأمرين ، فتعلق بدعوى العارية لذلك ، ومجرد كون دعوى العامل متضمنا لدفع الحصة وان غرضه من هذه الدعوى ذلك لا يخرجه عن كونه مدعيا يترتب عليه ما يترتب على المدعى ، حتى أنه يحصر المدعى في المالك ، وأن العامل منكر خاصة ، وحيث أن المالك ادعى الإجارة وطلب الأجرة المسماة في العقد بزعمه ، وحصل التحالف من الطرفين على نفى الدعويين بطل ما تقدم من الدعويين ، وما يترتب عليهما من الحكمين ، ورجعنا الى أن الأصل حرمة مال المسلم وعصمته عن تصرف غيره الا بوجه شرعي ، وحيث أن العامل قد تصرف بغير وجه شرعي